والكراميّة (١) والخوارج والبراهمة (٢) والثنويّة وغيرهم سوى الأشاعرة ، حتّى أنّ الفلاسفة حكموا بحسن كثير من الأشياء وقبح بعضها بالعقل العملي.
ثمّ إنّ أوائل المعتزلة ذهبوا إلى أنّ الأشياء حسنة وقبيحة لذواتها (٣) لا باعتبار صفة موجبة لذلك.
ومنهم من أوجب ذلك كالجبائيّة (٤) وبعضها فصّل وأوجب ذلك في القبح دون الحسن.
والأشاعرة قالوا : إنّ الحسن والقبح سمعيّ ، وإنّ العقل إنّما يحسن بأمر الله تعالى وإنّما يقبح بنهيه عنه ، فلو نهى عن الحسن كان قبيحا وبالعكس.
والحقّ الأوّل.
لنا وجوه :
الأوّل : انّا نعلم بالضرورة حسن الصدق النافع ، والإنصاف ، وردّ الودائع ،
__________________
(١) هم أتباع أبي عبد الله محمد بن كرام المتوفّى سنة ٢٥٥ ه.
(٢) البراهمة : قوم من أهل الهند ، ينتسبون إلى رجل منهم يقال له «براهم» وقد مهّد لهم نفي النبوات أصلا ، وقرّر استحالة ذلك في العقول. والبراهمة على أصناف : فمنهم (أصحاب البددة) ، ومعنى (البدّ) عندهم : شخص في هذا العالم لا يولد ، ولا ينكح ، ولا يطعم ، ولا يشرب ، ولا يهرم ، ولا يموت ، وأول (بدّ) ظهر في العالم بزعمهم اسمه (شاكمين) وتفسيره : السيد الشريف. ومنهم (أصحاب الفكرة) وهم الذين يعظمون الفكر ، ويقولون : هو المتوسط بين المحسوس والمعقول. ومنهم (أصحاب التناسخ) الذين يقولون بتناسخ الأرواح.
انظر الملل والنحل : ٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥٥.
(٣) في «ب» و «ج» : لذاتها.
(٤) هم أتباع أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائيّ المتوفّى سنة ٣٠٣ ه ـ نسبة إلى جبا من بلاد خوزستان قريبا من البصرة والأهواز ـ.