وإنقاذ الغرقى ، والإحسان إلى المستحقّين ، وقبح الظلم والكذب والجهل.
وأنّ من كلّف الأعمى نقط المصاحف ، والزمن الطيران في الهواء ، حكم العقلاء كافّة بقبح ذلك منه ، وأوجبوا ذمّه ، ولا يتوقّف العقلاء في ذلك على شرع ، ولهذا حكم به منكر الأديان والشرائع ، كالبراهمة.
لا يقال : حسن الصدق ، لأنّه على وفق المصلحة ، والإحسان ، لأنّ الحكم به يقتضي إلى وقوعه ، وهو ملائم لطبع كلّ واحد ، وقبح الكذب ، لأنّه على خلاف مصلحة العالم.
لأنّا نقول : الضرورة قاضية بالقبح والحسن بمعنى تعلّق المدح والذمّ.
الثاني : أنّه لو كان الحسن والقبح شرعيّين ، لم يقبح من الله تعالى شيء ، والتّالي باطل ، فالمقدّم مثله ، والشرطيّة ظاهرة.
وبيان بطلان التّالي : أنّه لو حسن منه كلّ شيء ، لحسن منه إظهار المعجزة على يد الكاذب ، ولو حسن منه ذلك ، امتنع منّا الفرق بين الصّادق والكاذب ، وذلك يقضي إلى بطلان الشرائع بالكليّة ، إذ كلّ نبيّ يظهر على يده المعجزة ، يتطرّق إليه الاحتمال.
لا يقال : الاستدلال بالمعجزة على الصدق يتوقّف على مقامين : أحدهما أنّه تعالى خلقه لذلك (١) و [الثاني] أنّ كلّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق ، والحسن والقبح إنّما ينفعان (٢) في الثاني فيمنع الأوّل.
__________________
(١) في «ج» : «كذلك» ولعلّه مصحّف.
(٢) في «ب» : «يتّفقان» والصحيح ما في المتن.