ولو توقّف الرجحان على المرجّح ، لزم الحسن فلا قبح ، وإن لم يتوقّف جاز أن يخلقه لا لغرض أو لغير تصديق.
ويمنع قبح خلق الموهم للقبح من غير إيجاب ، لأنّ تجويز المكلّف خلق المعجز عقيب الدعوى لا لتصديق ، يمنع من الجزم ، فإن جزم يصير كالمتشابهات.
لأنّا نقول : الضرورة قاضية بأنّه خلقه للتصديق ، كالشاهد ، والمتشابهات قابلة للتأويل ، فلا يقبح ، بخلاف ما يحصل الجزم بالصدق في غير محلّه.
الثالث : لو حسن منه تعالى كلّ شيء ، لما قبح منه الكذب ، وحينئذ لا يبقى الاعتماد على وعده ووعيده ، فتنتفي فائدة التكليف.
والاعتذار باستحالة كذب الكلام الأزليّ ، ممنوع ، ولو سلّم جاز أن تكون هذه الكلمات المسموعة مخالفة لما في نفس الأمر ، فيعود السؤال.
الرابع : أنّه لو لا اختصاص الواجب بما لأجله اتّصف بالوجوب ، كان اتّصافه به ترجيحا من غير مرجّح ، وهو باطل بالضرورة ، وكذا باقي الأحكام والأفعال.
الخامس : نعلم بالضرورة أنّا لو خيّرنا العاقل ، بين الصدق وإعطاء دينار ، وبين الكذب وإعطاء دينار أيضا ، واستوى الصدق والكذب من جميع الوجوه والاعتبارات ، سوى وصفي الصدق والكذب ، فإنّه يختار الصدق على الكذب ، فلو لا أنّ الصدق حسن ، وأنّ الكذب قبيح ، لما اختار الصدق دون الكذب.
السادس : أنّ الحسن والقبح لو لم يعلما قبل الشرع ، لاستحال العلم بهما بالشرع ، لاستحالة ورود الشرع بما لا يعلم ولا يتصوّر.
السابع : أنّا متى علمنا كون الشيء ظلما علمنا قبحه ، ومتى انتفى كونه