ولهذا لو أخبرنا انّه عزم الآن على الله الكذب في غد ، ثمّ لم يكذب في الغد لم يكن كاذبا في خبره ، بخلاف صورة النزاع.
أو يقال : كلّ من الصّدق والكذب هنا قبيح ، أو نقول : إنّ صدقه حسن وإن استلزم قبيحا ، فإنّه لا يلزم من استلزامه القبيح قبحه ، أو إن استلزم قبحه لكن (١) باعتبار آخر ، كما ذهب إليه الجبائيّان ، من التعليل بالوجوه والاعتبارات.
وعن الخامس : أنّ الحسن التّخليص ، لا الكذب ، وأنّه يمكنه التخليص بالتورية ، أو بالإتيان بصيغة الخبر من غير قصد.
قالوا : لو جاز ذلك لارتفع الوثوق بوعده ووعيده ، وانتفت فائدة البعثة ، لتطرّق هذا الاحتمال فيما يخبره النبي صلىاللهعليهوآله.
وهو ضعيف ، لأنّه متى أدّى ذلك إلى الجهل والإخلال بالمكلّفين ، لم يجز صدوره من الله تعالى ، ولا من رسوله صلىاللهعليهوآله ، بخلاف الإنسان.
وعن السادس : بالمنع من التكليف بالمحال ، والعلم حكاية عن المعلوم ، ومتأخّر عنه في الرتبة ، فلا يؤثّر فيه وجوبا ولا غيره ، إذ هو تابع له.
والوجوب الحاصل من العلم ، وجوب لاحق ، إذ لا فرق بين وضع أحد الطّرفين وبين وضع العلم به ، في أنّ كلّ واحد منهما يقتضي وجوبا لاحقا ، إذ العقل قاض بالتطابق بين المعلوم والعلم.
ولأنّ الأصل في هيئة التطابق ، إنّما هو المعلوم ، إذ لو لا تحقّقه على ما هو به ، لما تعلّق به العلم ، وتمام تحقيق ذلك مذكور في كتبنا الكلاميّة.
__________________
(١) كذا في «أ» و «ج» ولكن في «ب» : أو إن استلزم وإن استلزم قبحه ، أو يقول : إنّ صدقه حسن لكن.