فوجب حمله على اللغات الصادرة عن الألسنة.
وأطلق عليها اسم الألسنة إطلاق اسم العلّة على المعلول ، وهو من أحسن وجوه المجاز.
الرّابع : العمومات كقوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)(١)(تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(٢)(عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)(٣) واللّغات داخلة في هذه العمومات.
الخامس : لو لم تكن اللغات توقيفيّة لزم الدور أو التسلسل ، واللازم بقسميه باطل ، فالملزوم مثله.
بيان الشرطية : أنّ الاصطلاح إنّما يتمّ بأنّ تعرف الجماعة المصطلحون ما يقصده كلّ واحد منهم ، وإنّما يتمّ ذلك بطريق كالألفاظ والكتابة.
وعلى كلّ التقديرين فلا بدّ من طريق ، وذلك الطّريق لا يفيد لذاته بل بالاصطلاح ، فإن كان الأوّل دار ، وإلّا تسلسل.
السادس : لو كانت اللّغات اصطلاحيّة لزم ارتفاع الأمان عن الشرائع ، لاحتمال تبدّل لغاتها ، ولا يجب اشتهارها ، (٤) فإنّ معجزات الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أشهر منها ، ولم يتواتر نقلها.
__________________
(١) الأنعام : ٣٨.
(٢) النحل : ٨٩.
(٣) العلق : ٥.
(٤) جواب عن سؤال مقدّر وهو أنّه لا يحتمل تبدّل اللّغات ، إذ لو تغيّرت لاشتهرت ، فأجاب بعدم الملازمة بين التغيّر والاشتهار ، بشهادة أن معجزات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أشهر من اللّغات المتبدّلة مع أنّها لم يتواتر نقلها ، مضافا إلى ما ذكره من مسألة الأذان والإقامة.