والأذان والإقامة مع اشتهارهما وإظهارهما في زمن النبي صلىاللهعليهوآله والإعلان بهما على رءوس الأشهاد قد اختلف فيهما.
احتجّ أبو هاشم بقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)(١) دلّت على سبق الوضع على الرسالة ، فلو كانت اللّغات توقيفيّة لتأخّرت عنها ، إذ التوقيف من الله تعالى إنّما هو على لسان رسله.
ولأنّها لو كانت توقيفيّة لكان إمّا بالعلم الضّروريّ بأنّه تعالى وضع تلك الألفاظ لمعانيها أو لا.
والأوّل إمّا أن يكون ذلك العلم خلقه في عاقل ، أو غيره.
والأوّل باطل ، وإلّا لزم أن يكون العلم به تعالى ضروريّا ، إذ العلم بأنّه وضع اللفظ للمعنى مسبوق بالعلم به ، فإنّ العلم بالصفة مسبوق بالعلم بالموصوف ، لكن التالي باطل ، وإلّا لبطل التكليف.
لكن قد ثبت وجوب التكليف على كلّ عاقل.
والثاني باطل لامتناع أن يخلق في غير العاقل علما ضروريّا بالألفاظ ومناسباتها وتراكيبها العجيبة.
وأمّا الثاني وهو ألّا يكون قد خلق العلم الضروري بذلك ، فهو باطل أيضا ، وإلّا لافتقر السّامع في كون ما سمعه موضوعا بإزاء معناه إلى طريق ، وينتقل الكلام إليه ، فإمّا أن يتسلسل أو ينتهي إلى الاصطلاح.
واحتجّ أبو اسحاق بأنّ الاصطلاح يتوقّف على تعريف كلّ واحد منهم
__________________
(١) إبراهيم : ٤.