غيره ما في ضميره على ما تقدّم ، فإن عرّفه باصطلاح آخر تسلسل ، فلا بدّ في أوّل الأمر من التوقيف.
ثمّ من الجائز أن تحدث بعد ذلك لغات كثيرة بالاصطلاح ، بل الواقع ذلك ، فإنّ كلّ وقت يتجدّد لأهله اصطلاحات لم يكونوا يعرفونها من قبل.
والاعتراض على الأوّل من وجوه :
الأوّل : جاز أن يكون المراد من التعليم الإلهام بالاحتياج إلى الألفاظ ، وبعث عزمه على وضعها ، ونسب التعليم (١) إليه تعالى ، لأنّه الهادي إليه ، لا أنّه علّمه بالخطاب كقوله : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ)(٢).
الثاني : إعطاؤه ما يتمكّن به من الوضع ، وليس التعليم إيجاد العلم ، بل فعل صالح لأن يترتّب عليه حصول العلم ، يقال : علّمته فلم يتعلّم. (٣)
الثالث : ما يفعله العبد منسوب إليه تعالى باعتبار أنّه الموجد للعبد ، فالعلم الحاصل بعد الاصطلاح ، يكون مستندا إليه تعالى بالاخرة ، فصحّ استناد التعليم إليه.
الرابع : يجوز أن يكون المراد من الأسماء الصفات والعلامات ، مثل أنّ الخيل للركوب ، والجمل للحمل ، والبقر للحرث ، إلى غير ذلك ، فإنّ الاسم مأخوذ من السّمة والعلامة ، أو من السّموّ ، وكلّ معرّف لغيره اسم له.
وتخصيصه باللّفظ المعيّن عرف خاصّ.
__________________
(١) في «أ» و «ج» : ونسب العلم.
(٢) الأنبياء : ٨٠.
(٣) في «أ» و «ج» : علّمه فلم يتعلّم.