وبيانه : أنّهم اختلفوا في لفظة الله تعالى : فزعم قوم أنّها سريانيّة غير عربيّة.
وآخرون جعلوها عربيّة واختلفوا : فقال قوم : إنّها موضوعة ، وآخرون : إنّها مشتقّة ، واختلف الفريقان اختلافا عظيما.
وكذا اختلفوا في الإيمان والكفر ، والصلاة والزكاة ، حتّى قال بعض المحقّقين في علم الاشتقاق : إنّ الصّلاة مأخوذة من «الصّلوين» وهما عظما الورك ، ولا شكّ في أنّه غريب.
وكذا اختلفوا في صيغة الأمر والنهي ، وصيغ العموم ، مع شدّة حاجتهم إلى التعبير عن ذلك كلّه ، وعظم شهرتها.
وإذا كان الظاهر حاله ذلك ، فكيف الخفيّ ، وكيف يدّعى التواتر في مثل ذلك.
ولا يكفي دعوى التواتر في علم معانيها في الجملة ، كإطلاق لفظ الله على الإله تعالى ، وإن خفي الموضوع له هل هو الذات ، أو المعبودية أو القادريّة؟ وكذا غيرها ، لأنّ ذلك يوجب الشكّ في المسمّى.
لأنّا إذا علمنا إطلاق لفظة الله تعالى على الإله ، من غير أن نعلم هل المسمّى الذات ، أو كونه معبودا ، أو قادرا على الاختراع ، أو ملجأ الخلق ، أو كونه بحيث تتحيّر العقول في إدراكه ، إلى غير ذلك من المعاني المستعمل فيها هذا اللفظ ، لم يعلم المسمّى قطعا.
وأيضا من شرط التواتر استواء الطرفين والواسطة ، وذلك غير معلوم الثبوت في جميع الأزمنة في النحو واللّغة والتّصريف وإن علمنا حصول الشرط في زماننا.