وعلى الرابع : بالمنع من كون إطلاق المؤمن على النّائم حقيقة ، كما لا يجوز أن يقال في أكابر الصحابة : إنّهم كفرة ، لكفر تقدّم ، ولا لليقظان : إنّه نائم ، لنوم سبق.
والجواب عن الأوّل : حصول الفرق ، فإنّ الضارب من ثبت له الضرب ، وفي المستقبل لم يثبت له الضّرب ، فكان الأوّل حقيقة ، بخلاف الثاني ، ولأنّ فيه تقليل المجاز ، فكان أولى ، وهو الجواب عن الثاني.
وعن الثالث : ما بيّنا من عدم القائل بالفرق ، ولأنّه إذا صحّ في صورة ، صحّ في جميع الصور ، وإلّا لكان المتكلّم قبل أن يتكلّم (١) عارفا بكون (٢) المشتقّ منه هل يصحّ بقاؤه أو لا؟
فإن كان يصحّ بقاؤه ، اشترط وجود المعنى بتمامه ، ومن المعلوم عدم التفات الناس إلى ذلك ، من أهل اللغة والعرف.
وعن الرابع : أنّ الشرع منع من إطلاق الكفر عليهم ، تعظيما لشأنهم ، والأصل في ذلك : أنّ لفظة «الكفر» موضوعة في عرف الشرع لمعنى ، غير ما وضع في اللغة ، وللواضع أن يخصّص في وضعه ما لو لا التخصيص لكان عامّا ، كما في الوضع اللّغوي ، حيث أطلقت «القارورة» و «النجم» على معاني خاصّة ، لو لا تخصيصهم لكان أعمّ ، وهنا منع الشارع من إطلاق لفظة «الكفر» الّذي وضعه بإزاء معنى ، على من زال عنه.
واحتجّوا على مطلوبهم : بأنّه لو صدق عليه أنّه ضارب ، لكذب عليه أنّه
__________________
(١) في «ب» و «ج» : قبل أن يحكم.
(٢) في «ج» : بأنّ.