قيل على أصل الدّليل (١) : «إنّه مبنيّ على أنّ الاسم المشترك موضوع لأحد مسمّياته على سبيل البدل حقيقة ، وليس كذلك عند الشافعي والقاضي أبي بكر ، بل هو حقيقة في المجموع ، كسائر الألفاظ العامّة.
ولهذا ، فإنّه إذا تجرّد عن القرينة عندهما ، وجب حمله على الجميع ، وإنّما فارق باقي الألفاظ العامّة ، من جهة تناوله لأشياء لا تشترك في معنى واحد يصلح أن يكون مدلولا للفظ ، بخلاف باقي العمومات.
فنسبة اللّفظ المشترك في دلالته إلى جملة مدلولاته وإلى أفرادها ، كنسبة غيره من الألفاظ العامّة إلى مدلولاتها ، جملة وإفرادا.
وحينئذ ، بطل ما قيل من التّقسيم المبنيّ على أنّ اللفظ المشترك ، موضوع لأحد مسمّياته على طريق البدل حقيقة ، ضرورة كونه مبنيّا عليه ، وإنّما هو لازم على مشايخ المعتزلة ، حيث اعتقدوا كون اللفظ المشترك موضوعا لأحد مسمّياته حقيقة على طريق البدل».
وهذا الكلام ليس بجيّد ، لأنّه إنكار للمشترك بالكليّة ، ونحن إنّما بحثنا على تقدير وجوده.
وبيانه : أنّ المشترك نعني به اللّفظ الموضوع لحقيقتين على البدل ، لا على الجمع ، وإلّا لم يكن مشتركا.
وقد احتجّ أبو عبد الله البصري (٢) على المنع : بأنّ الواحد منّا إذا رجع إلى نفسه ، علم استحالة أن نريد بالعبارة الواحدة الحقيقتين ، ولو ساغ ذلك في الله
__________________
(١) القائل هو الآمدي في الأحكام : ٢ / ٣٦١.
(٢) تقدّمت ترجمته.