الخامس : صيغ العقود مثل «بعت» و «طلّقت» إنشاءات لا إخبارات ، وإن كانت بصيغة الإخبار في اللّغة ، وقد تستعمل شرعا فيها ، لكنّ البحث في أنّها إذا نطق بها لتحصيل الأحكام ، كانت إنشاءات ، لوجوه :
الأوّل : من خواصّ الخبر التصديق والتكذيب وهما منفيّان هنا.
الثاني : ليست إخبارا عن الماضي والحال ، وإلّا لكانت كاذبة ، ولامتنع تعليقها على الشرط ، فإنّ التعليق توقيف وجود المعلّق على وجود المعلّق عليه ، والداخل في الوجود لا يتوقّف دخوله على غيره في الوجود ، لاستحالة تقدّم المشروط على شرطه.
ولا عن المستقبل ، إذ ليس دلالتها على المستقبل بأقوى من قوله : ستصيرين طالقا في المستقبل ، ولو صرّح بذلك لم يقع ، فكذا في قوله : أنت طالق (١).
وفيه نظر ، لأنّ دلالة أنت طالق ، وطلّقت ، على وجود الطّلاق أقوى من دلالة «ستصيرين».
ولا يلزم من عدم ترتّب الحكم على المسبّب الضعيف عدم ترتّبه على القويّ ، فجاز أن يرتّب الشارع وقوع الطلاق على الإخبار بوقوعه في المستقبل بصيغة أقوى في الدلالة على الوجود ، من غير اعتبار الاستقبال.
أو أنّه إخبار عن الحال ولا دور ، لأنّه إخبار وسبب ، فتعدّدت الجهة ، والتعليق قرينة صارفة عن الحقيقة.
__________________
(١) لاحظ المحصول في علم الأصول : ١ / ١٣١.