ثمّ الإرادة الّتي لكونها خطابا ، يحتاج إليها في سائر ضروب الخطاب (لأنّ هنا إرادتين :
إحداهما : إرادة للخطاب نفسه ، وهي عامّة.
والاخرى : إرادة لما يفيده الخطاب ، فهي مختصّة بالأمر ، كإرادة الصلاة من قوله : «أقيموا الصّلاة» (١)).
والّتي تتناول ما يفيده الخطاب ، تتناول الأمر ، ولا يجب في الخبر.
ولمّا كانت إرادته تعالى لا تعرف من كلامه إلّا بالاستدلال ، اشترط في الاستدلال بكلامه على ما أراده أمور :
منها : أن يكون قد أراد بخطابه أمرا ما.
ومنها : ألا يقع كلامه على وجه قبح من كذب وغيره.
ومنها : ألا يعمّي (٢) علينا مراده ، بل يريد ما وضع الكلام له ، فإن أراد غيره بيّنه ، إذ مع تجويز عدم أحدها يتعذّر الاستدلال بكلامه على مراده.
ولهذا لم يصحّ من الحشويّة الاستدلال بشيء من القرآن ، حيث قالوا : لا نعلم معناه إلّا بتفسير من النبي صلىاللهعليهوآله.
ومن العجب أنّهم يرجعون في التفسير إلى أخبار آحاد ، وإلى تفسير الضّحاك وأمثاله ، ويتركون ظاهر الكتاب العزيز.
__________________
(١) ما بين القوسين موجود في «ج» فقط والقرينة تشهد على صحّته.
(٢) مأخوذ من التعمية.