ولم يصحّ من المجبّرة الاستدلال بشيء من القرآن ، لأنّهم لا يؤمنون أن تكون أخباره كذبا ، وأمره أمرا بباطل ، ونهيه نهيا عن حقّ.
ولم يصحّ من المرجئة الاستدلال بخطابه ، حيث قالوا : إنّ الله تعالى أراد بقوله (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ)(١) إن جازيته ، ولم يدلّنا على ذلك ، إذ لا يؤمن بقوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢) أن يكون قد شرطه بإرادتنا ولم يبيّنه.
الثاني : يشترط في الاستدلال بخطاب الرسول صلىاللهعليهوآله ألا يجوز أن يكتم بعض ما أمر بتبليغه ، وألا يكذّب فيما يؤدّيه عن الله سبحانه ، وألا يؤدّي على وجه يقتضي التنفير عن خطابه ، إذ مع التنفير لا يحصل الغرض ، فإنّ العبد حينئذ ينفر عن النظر فيما أدّاه.
الثالث : لمّا كان الإجماع حجّة على ما يأتي ، وهو قول الأمّة ، وجب أن يشترط في خطابهم ما شرطناه في خطاب الرّسول صلىاللهعليهوآله إلا التّنفير ، لتعذّره منهم على كثرتهم ، إذ التنفير يقع بكلام على وجه ، ويتعذّر اتّفاقهم على ذلك القول على ذلك الوجه.
الرابع : الخطاب له تعلّق بالفعل ، وله تعلّق بالمخاطب ، وقد عرفت أنّ المقتضي للخطاب هو الإرادة ، فلا بدّ وأن يريد كون العبارة عبارة عمّا هي عبارة عنه ، ويريد كونها عبارة لمخاطب دون آخر ، وكلّ واحدة منهما مخالفة للاخرى.
وقد يختلفان في العموم والخصوص ، مثل : يا زيد «صلّ الصلاة» أو «يا أيّها الناس صلّوا هذه الصلاة» وقد يتّفقان عموما أو خصوصا.
__________________
(١) النساء : ٩٣.
(٢) البقرة : ٤٣.