وأجاب أبو الحسين عن الأخير بأنّه لا يطلق اسم الأمر على الفعل لا حقيقة ولا مجازا من حيث هو فعل ، وإنّما يقال (١) حقيقة على جملة الشأن (٢).
ونقل عن أصحابه جوابين :
الأوّل : أنّه يقع على الفعل مجازا من حيث الزيادة المعنويّة ، لأنّ جملة أفعال الإنسان ، لمّا دخل فيها القول ، سمّيت الجملة باسم جزئها.
الثاني : الأفعال تشبه الأوامر في أنّ كلّ واحد منهما يدلّ على سداد أغراض الإنسان ، ولا يلزم تسمية النّهي والخبر أمرا ، لعدم اطّراد المجاز.
واعترضهما بأنّه يقال : أمر فلان في تجارته أو في صحّته مستقيم ، ولا يدخل في ذلك أمره الّذي هو القول.
واللّفظ إنّما وقع عليه اسم الأمر من حيث كان نعتا مخصوصا على الفعل ، وكان يجب أن يقع الشّبه بينه وبين الفعل من هذه الجهة وإن لم يشتبها في فائدة الاسم من كل وجه ، وكان يجب. أن يكون المتلفّظ باسم الأمر ، إذا عنى به الفعل ، أن يعني به ما ذكروه من الشّبه ، ومعلوم عدم خطور ذلك بباله ، ولهذا إنّما يجوز التسمية بالأسد للشّبه في الشجاعة الّتي هي معظم فائدة قولنا أسد ، ومن يسمّي الشّجاع أسدا يعني به شجاعته. (٣)
ثمّ احتجّ أبو الحسين على مذهبه باشتباه الأمر على السّامع بين تلك
__________________
(١) كذا في النسخ التي بأيدينا ولكن في المصدر «يقع حقيقة».
(٢) أي في جملة شأن الإنسان وأحواله وأفعاله وغير أفعاله. كذا في المصدر.
(٣) المعتمد : ١ / ٤٢.