الرابع : يلزم أن يكون الشخص امرا لنفسه ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ من قال لنفسه «افعل» مع إرادة الفعل من نفسه ، قد وجد منه المقتضي للأمر ، فيكون أمرا.
وأمّا بطلان التّالي : فإنّ الأمر هو المقتضي للفعل ، وأمره لنفسه لا يكون مقتضيا للفعل ، بل المقتضي إنّما هو الدّاعى.
الخامس : لو كان الأمر إنّما يكون أمرا إذا أراد الامر الفعل ، لم يجز أن يستدلّ بالأمر على الإرادة ، لأنّه لا يعلم أمرا قبل العلم بالإرادة.
السّادس : أهل اللغة قالوا : الأمر هو قول القائل : افعل مع الرتبة ، ولم يشترطوا الإرادة ، ولو كانت شرطا لذكروها ، كما ذكروا الرّتبة ، وصار كقولهم : الأسد اسم لمسمّاه في أنّه لا يشترط فيه الإرادة.
السّابع : قد يأمر السيّد عبده بما لا يريد إظهارا لتمرّده ، كما سبق.
الثامن : أمر الله تعالى إبراهيم بذبح إسماعيل ولم يرده.
والجواب عن الأوّل : الأمريّة كالخبريّة ، فإنّهما صفتان معقولتان ، وإن لم تكونا قائمتين باللّفظ ، فبالوجه الّذي عرفت صيغة الخبريّة ، تعرف صيغة الأمريّة.
والجواب فيهما واحد ، وهو : أنّ الصيغتين عقليّتان تستدعيان محلّا عقليّا ، أمّا خارجيّا فلا.
وعن الثاني : أنّ الصّيغة لما وجدت مع غير الأمر ، افتقر إلى المميّز وهو الإرادة ، وكذا كلّ لفظ مشترك إنّما يدلّ على بعض معانيه دون البعض بالإرادة.