وإذا انتفت الخيرة ، بقي إمّا الوجوب أو الحظر.
والثاني باطل بالإجماع ، فتعيّن الوجوب.
والحاصل أنّ المراد من قوله : قضى «ألزم» ومن قوله : أمرا «مأمور به» وما لا خيرة فيه من المأمور أن يكون واجبا.
لا يقال : القضاء : الإلزام ، والأمر قد يرد بمعنى الشيء ، فمعنى الآية : إذا ألزم الله ورسوله شيئا فلا خيرة.
ونحن نقول به ، فإنّ الله تعالى إذا ألزمنا شيئا كان واجبا علينا ، لكن البحث في أنّه إذا أمر بشيء فقد ألزمنا ، وهو ممنوع.
لأنّا نقول : الأمر حقيقة في القول المخصوص لا في الشيء ، دفعا للاشتراك ، وحينئذ إذا ألزم الله أمرا وهو بأن يوجّهه على المكلّف لزمه وإن كره.
وإلزام الأمر غير إلزام المأمور به ، فإنّ الحاكم إذا حكم بإباحة شيء ، فقد ثبت إلزام الحكم دون المحكوم به ، فكذا هنا ، وإلزام الأمر عبارة عن توجيهه على المكلف.
ثمّ ، الأمر إن لم يقتض الوجوب لم يكن إلزام الأمر إلزاما للمأمور به ، وإن كان مقتضيا للوجوب فهو الّذي قلناه (١).
وفيه نظر ، لأنّا مع تسليم أنّ الأمر حقيقة في القول لا يلزم ما ذكروه ، لأنّ معنى الآية : أنّه تعالى إذا ألزم أمرا كان واجبا ، ونحن نقول به ، وإنّما يتمّ مطلوبهم لو كان معنى «قضى» «أمر».
__________________
(١) الدليل مذكور في المحصول للرازي : ١ / ٢٠٨.