وفيه نظر ، إذ من يعتقد كونه للندب أو للقدر المشترك ، يمنع حسن الذّم بمجرّد مخالفة الأمر المطلق ، بل مخالفة الأمر الدّالّ على الوجوب.
الثاني عشر : لفظ «افعل» يدلّ على اقتضاء الفعل ووجوده ، فيكون مانعا من نقيضه ، كالخبر ، فإنّه لمّا دلّ على المعنى منع من نقيضه.
والجامع : أنّ اللفظ وضع لإفادة معنى ، فيكون مانعا من النقيض ، تكميلا لذلك المقصود ، وتقوية لحصوله.
لا يقال : مسلّم أنّ الدالّ على الشيء مانع من نقيضه ، لكن يجوز أن يدلّ «افعل» على أولويّة الإدخال في الوجود ، فمنع من نقيضها.
لأنّا نقول : الفعل مشتقّ من المصدر ، فلا يشعر إلّا به ، ومصدر «اضرب» هو الضرب ، لا أولويّته ، فإشعار الخبر والأمر به ، لا بالأولويّة ، فيمنع من نقيضه ، لا من نقيض الأولويّة. (١)
وفيه نظر ، فإنّ «افعل» يدلّ على الطلب ، وهو يمنع من نقيضه ، لكن الطّلب قد يقارن المنع من نقيض المطلوب ، وقد يقارن جوازه ، وهو من حيث طلب ، أعمّ منهما ، فلا إشعار فيه بالوجوب.
الثالث عشر : الأمر يفيد الرّجحان ، فيكون مانعا من النقيض.
أمّا الأوّل : فلأنّ المأمور به إن كان خاليا عن المصلحة ، كان مجرّد مفسدة ، فلا يجوز الأمر به.
وإن كان مشتملا على مصلحة مرجوحة ، فيعارض ما فيه من المصلحة
__________________
(١) هذا ما ذكره الرازي في المحصول. لاحظ : ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.