لأنّا نقول : الإنسان الواحد لا يستقلّ بإصلاح كلّ ما يحتاج إليه ، بل يحتاج إلى جمع عظيم يعين كلّ منهم صاحبه في مهمّه ، لينتظم حال النوع ، وتحصل مصلحة الكلّ من الكلّ ، فإذا احتاج أحدهم إلى صاحبه في فعل ، فلا بدّ وأن يعرّفه إيّاه ، وأنّه لا بدّ منه ، ولا يجوز له الإخلال به ، فظهر اشتداد الحاجة ، وقيام الداعي.
والقرائن لا تفيد ، لما تقدّم ، من أنّ التعريف لما في الضمير ، إنّما هو باللّفظ دون غيره ، والمفرد أخفّ من المركّب وأوجز ، فيغلب على الظن وضعه ، كغيره من الألفاظ المفردة.
والموانع منتفية ، لكونها في الأصل كذلك ، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
والأصل عدم التوقيف ، ولو سلّم فالدليل آت فيه ، وعدم المنع من الوضع ، فيحصل ظنّ بقاء ذلك.
وعند وجود القدرة والدّاعي ، يجب الفعل ، لأنّ القادر إن لم يمكنه الترك تعيّن الفعل ، وإن أمكنه : فإن لم يترجّح الفعل ، لم يكن الدّاعي داعيا ، وإن ترجّح وجب الوقوع ، وإلّا عاد البحث.
ونمنع شدّة الحاجة إلى التعبير عن الحال والاستقبال والروائح والاعتمادات ، كاشتداد الحاجة إلى تعريف الإلزام ، فإنّ الإنسان قد تمضي عليه مدّة طويلة لا يحتاج إلى التعبير عمّا ذكرتم ، مع دوام حاجته إلى التعبير عن معنى الوجوب.
وجعل الصّيغة للوجوب أولى من جعلها للمشترك ، لكون المشترك