أمّا الأوّل ، فلأنّ المقتضي إنّما هو الصّيغة على ما تقدّم.
وأمّا انتفاء المانع ، فلأنّه كما أمكن الانتقال من الحظر إلى الإباحة ، أمكن الانتقال من الحظر إلى الوجوب قطعا.
ولأنّه لو أمر ولده بالخروج من الحبس إلى المكتب ، لم يكن للإباحة ، بل للوجوب ، مع أنّه أمر بعد الحظر المستفاد من الحبس. (١)
وفيه نظر ، لاستفادة الوجوب هنا من القرينة ، وكذا أمر الحائض والنفساء بالعبادة عقيب تحريمها ، وهو للوجوب ، وهذا كثير النظائر.
ولأنّ الأمر إنّما يدلّ على ما يدلّ عليه ، لكونه أمرا ، وهذه الصّيغة موجودة بعد الحظر.
ولأنّ الحظر العقلي اكد من السمعيّ ، وقد علمنا أنّ وروده بعد الحظر العقليّ لا يمنع من الوجوب ، فكذا بعد السمعيّ.
احتجّوا بأنّ الأوامر الإلهيّة إذا وردت عقيب الحظر أفادت الإباحة :
(فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا)(٢).
(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)(٣).
(فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ)(٤).
(فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ)(٥).
__________________
(١) الاستدلال مذكور في المحصول للرازي : ١ / ٢٣٦.
(٢) الأحزاب : ٥٣.
(٣) المائدة : ٢.
(٤) البقرة : ٢٢٢.
(٥) البقرة : ١٨٧.