وأمّا بطلان التّالي فبالإجماع.
ولأنّه يلزم إذا أمره بعبادتين متعاقبتين أن تكون الثانية ناسخة للأولى ، لوجوب استيعاب الوقت للأولى ، واقتضاء الثانيّة إزالتها عن بعضها ، والنسخ ليس إلّا رفع الحكم بعد ثبوته.
ومن المعلوم بالضّرورة أنّ الحجّ ليس نسخا للصلاة ، ولا أمر غسل اليد ناسخا لغسل الوجه ، ولا الأمر بالصّلاة نسخا للوضوء.
الرّابع : يحسن تقييده بهما ، فيقال : افعل مرّة أو متكرّرا ، من غير نقض ولا تكرار لأحدهما ، فكان موضوعا للقدر المشترك.
الخامس : المرة والتكرار من الصفات ، كالقليل ، والكثير ، ولا دلالة للموصوف على الصّفة.
السادس : يحسن الاستفهام عند مطلق الأمر ، عن الواحدة والتكرار.
احتجّ القائلون بالتكرار بوجوه :
الأوّل : تمسّك الصحابة بتكرار الزّكاة بقوله تعالى : (وَآتُوا الزَّكاةَ)(١) وسوغوا قتال مانعيها ، وكذا الصلاة وغيرها من الأوامر الشرعيّة.
الثاني : الأمر والنّهي اشتركا في مطلق الطلبيّة ، إلّا أنّ الأمر طلب الفعل ، والنهي طلب التّرك (٢) وإذا كان النّهي يفيد التكرار ، كان الطّلب الآخر كذلك.
__________________
(١) البقرة : ٤٣.
(٢) في «ج» : طلب ترك الفعل.