وإذا ثبت أنّ «افعل» أمر ، وأنّ الأمر مشترك بينهما ، ثبت عدم دلالة «افعل» على غير المشترك.
احتجّ القائلون بالفور بوجوه :
الأوّل : قوله تعالى لإبليس : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)(١).
ذمّه على ترك السّجود عقيب الأمر ، ولو كان للتراخي لم يستحقّ الذّمّ ، إذ كان له أن يقول : إنّك أمرتني ، والأمر لا يقتضي الفور ، فلا يستحقّ الذمّ في الحال.
الثاني : قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)(٢).
[وقوله :] (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)(٣).
الثالث : لو جاز التأخير ، لجاز إمّا إلى بدل ، أو لا إلى بدل ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ، فلأنّ البدل هو الّذي يقوم مقام المبدل من كلّ الوجوه ، فإذا أتى بهذا البدل ، وجب أن يسقط عنه التكليف ، وهو باطل إجماعا.
ولا يجوز أن يقوم [البدل] مقام المبدل في ذلك الوقت لا دائما ، لأنّ مقتضى الأمر الإتيان بتلك الماهيّة مرّة واحدة ، وهذا البدل يقوم مقامه ، وقد فعل ما هو المقصود من الأمر بتمامه ، فوجب سقوط الأمر بالكليّة.
وأمّا الثاني ، فإنّه يمنع من كونه واجبا ، فإنّه لا يفهم من قولنا : ليس بواجب ، إلّا جواز تركه لا إلى بدل.
__________________
(١) الأعراف : ١٢.
(٢) آل عمران : ١٣٣.
(٣) المائدة : ٤٨.