الرابع : لو جاز التأخير ، لجاز إمّا إلى غاية ، أو لا إلى غاية ، والقسمان باطلان ، فجواز التأخير باطل.
أمّا الأوّل ، فلأنّ تلك الغاية إمّا معيّنة أو غير معيّنة ، فإن كانت معيّنة ، فليست إلّا غلبة ظنّ المكلّف أنّه لو لم يشتغل [بأدائه] فاته ذلك الفعل ، فإنّ كلّ من جوّز التأخير إلى غاية معلومة قال : إنّ الغاية ذلك (١) فالقول بإثبات غاية غيرها خرق الإجماع.
لكنّ الظّنّ إن لم يكن لأمارة لم يتعدّ به ، وجرى مجرى الظّنّ السوداويّ.
وإن كان لأمارة فليست إلّا المرض الشّديد ، أو علوّ السنّ ، إذ لا قائل بغيرهما ، لكن ذلك باطل ، فإنّ كثيرا من الناس من يموت من غير كبر ولا مرض ، وذلك يقتضي خروجه عن هذا التكليف في علم الله تعالى ، مع أنّ ظاهر الأمر الوجوب.
وإن لم تكن [الغاية] معلومة ، أو لم تكن معيّنة لزم تكليف ما لا يطاق ، فإنّه يكون مكلّفا بتحريم التأخير عن وقت معيّن ، مع أنّه لا يعرفه ، أو عن وقت غير معيّن ، وهو غير معلوم أيضا ، ولا شكّ في كونه تكليفا بما لا قدرة عليه.
وأمّا الثاني فلأنّه (٢) يستلزم كون الواجب غير واجب ، لأنّه إذا جاز التأخير أبدا جاز الترك أبدا ، وهو مناف للوجوب.
الخامس : لو أخّر العبد أمر السيّد بشرب الماء ، ذمّه العقلاء ، ولو لا فهم التّعجيل ، لم يحسن ذمّه ، واسناد ذلك إلى القرينة على خلاف الأصل.
__________________
(١) أي هذا الوقت.
(٢) في «ب» و «ج» : فإنّه.