وقال أبو بكر الدقّاق (١) من الأشاعرة : إنّه يدلّ على نفيه عن غيره فيهما. (٢)
لنا وجوه :
الأوّل : اتّفق الكلّ على جواز قول : زيد أكل ، مع العلم بأنّ عمرا أكل.
الثاني : لو دلّ لكان إمّا من حيث اللفظ ، أو من حيث المعنى ، والقسمان باطلان.
أمّا اللفظ ، فلأنّه ليس فيه ذكر غير زيد ، فكيف يدلّ على حكم غير زيد.
وأمّا المعنى ، فلأنّه قد يشترك زيد وعمرو في فعل ، ويعلمه المخبر ، ويقصد إلى الإخبار عن أحدهما به ، لغرض له في ذلك ، فلا يدلّ لا من حيث المعنى ، ولا من حيث اللفظ.
الثالث : أكل زيد ليس موضوعا لعدم أكل عمرو ، ولا لمعنى هو جزؤه ، وليس ملزوما له ، لانفكاكهما وجودا وتصوّرا ، فانتفت الدلالات الثلاث.
الرابع : لو دلّ لزم الكفر إذا قلنا : زيد موجود ، لدلالته حينئذ على الحكم بنفي الوجود عن الله تعالى وعن الأنبياء عليهمالسلام ، وكذا إذا قلنا : عيسى رسول الله ، لزم نفي رسالة محمّد صلىاللهعليهوآله ، وهو باطل بالإجماع.
الخامس : لو دلّ لبطل القياس ، فإنّ التنصيص على حكم الأصل ، يقتضي
__________________
(١) محمد بن محمد بن جعفر البغدادي الفقيه الشافعي المعروف ب «أبو بكر الدقاق» قيل : كان فقيها أصوليّا ولي القضاء ب «كرخ» بغداد ، توفّي سنة ٣٩٢ ه. لاحظ تاريخ بغداد : ٣ / ٢٢٩ ، رقم ١٢٩٤ (وفيه المعروف بابن الدقاق).
(٢) نقله عنه الرازي في محصوله : ١ / ٣٦٠.