الرابع : لو دلّ التخصيص بالصّفة على نفيه عمّا عداه ، لدلّ التخصيص باللّقب ، والتالي باطل لما تقدّم ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ المقتضي للنّفي في صورة الصّفة ليس إلّا ثبوت غرض في التخصيص بالذّكر ، ولا غرض سوى نفي الحكم عمّا عداه ، والعلم بثبوت الغرض وأنّ هذا المعنى يصلح للغرضيّة يوجب الظّنّ بأنّ هذا هو الغرض ، والعمل بالظّنّ واجب ، لكن ذلك كلّه موجود في الاسم ، فوجب أن يكون التخصيص بالاسم موجبا لنفي الحكم عمّا عداه ، وليس كذلك.
احتجّ الخصم بوجوه :
الأوّل : قال أبو عبيد القاسم بن سلّام (١) : إنّ دليل الخطاب حجّة ، وهو من أهل اللغة ، فيكون قوله حجّة.
أمّا المقدّمة الأولى : فلأنّه قال في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته» (٢) ، إنّه أراد أنّ ليّ من ليس بواجد لا يحلّ عرضه ولا عقوبته ، واللّيّ : المطل ، والواجد : الغنيّ ، وإحلال عرضه : مطالبته ، وعقوبته : حبسه (٣).
وقال في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مطل الغني ظلم» (٤) : مطل غير الغنيّ ليس بظلم. وقال في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لأنّ يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا ، وقد قيل له : إنّما أراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الهجاء من الشعر ، أو هجاء الرسول.
__________________
(١) تقدّمت ترجمته آنفا.
(٢) عوالي اللئالي : ٤ / ٧٢.
(٣) غريب الحديث تأليف أبي عبيد القاسم بن سلّام : ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠ ونقله عنه العسقلاني في فتح الباري : ١٠ / ٥٤٩ والبيهقي في سننه الكبرى : ١ / ٢٤٤.
(٤) عوالي اللئالي : ٤ / ٧٢.