بوجوب الكلّ على البدل : أنّه لا يجوز للمكلّف الإخلال بها أجمع ، ولا يلزمه الجمع بينها ، وله الخيار في تعيين أيّها شاء.
والفقهاء عنوا بقولهم : «الواجب واحد لا بعينه» ، هذا ، فلا خلاف معنويّ بينهم.
نعم هنا مذهب تبرّأ كل من المعتزلة والأشاعرة منه ، ونسبه كلّ منهم إلى صاحبه ، واتّفقا على فساده ، وهو : أنّ الواجب واحد معيّن عند الله تعالى غير معيّن عندنا ، إلّا أنّ الله تعالى يعلم أنّ ما يختاره المكلّف هو ذلك المعيّن عنده تعالى (١).
والدليل على بطلانه : أنّ الواجب إذا كان واحدا معيّنا عند الله تعالى ، استحال منه تعالى أن يخيّر فيه ، إذ معنى التخيير تجويز ترك كلّ واحد بشرط الإتيان بالآخر.
وكونه معيّنا عند الله ، معناه : المنع من تركه بعينه ، سواء فعل الآخر أو لا ، والجمع بين جواز الترك ، وعدم جوازه متناقض.
لا يقال : لا منافاة بين التخيير والتعيين ، لأنّه تعالى وإن خيّر بين الكفّارات ، لكنّه علم أنّ المكلّف لا يختار إلّا ذلك الّذي هو واجب عليه ، فلا يقع الإخلال بالواجب.
أو نقول : يجوز أن يكون لاختيار المكلّف تأثير في كون ما اختاره واجبا.
أو يمكن أن يكون ما عداه مباحا ، يسقط به الفرض ، كما جوّز بعضهم سقوط الفرض بالمحظور.
__________________
(١) نقله في المعتمد عن الفقهاء : ١ / ٧٩ ؛ ولاحظ المحصول للرازي : ١ / ٢٧٤.