ونبيّن الطريق إلى ثبوت التعبّد بالأشياء على البدل ، ونبيّن أنّ الله تعالى قد تعبّدنا بأشياء على البدل ، ونبيّن كيفية التعبّد بها.
أمّا قولنا : الأشياء واجبة على البدل ، فمعناه : أنّه لا يجوز الإخلال بالجميع ، ولا فعل الجميع ، وفعل كلّ واحد موكول إلى اختياره ، لتساويهما في وجه الوجوب.
ومعنى إيجاب الله تعالى هو : أنّه كره ترك جميعها ، وأراد كلّ واحد منها ، ولم يكره ترك كلّ واحد منها إذا فعل المكلّف الآخر ، وفوّض إلى المكلّف فعل أيّها شاء ، وعرّفه جميع ذلك ، وقد يجوز أن يريد جميعها على البدل ، وعلى الجميع.
ويفارق هذا ، الواجب المرتّب ، كالتيمّم والوضوء ، لأنّ ذلك ليس موكولا إلى اختيار العبد.
وأمّا شرط التعبّد بالواجب المخيّر فأمران : تمكّن العبد من الفعلين ، بأن يقدر عليهما ، ويتميّزان له ، وتساويهما في الصّفة الّتي تناولها التعبّد ، بأن يكونا واجبين أو ندبين ، فإنّه لو خيّر تعالى بين قبيح ومباح ، لكان قد أذن في فعل القبيح.
ولو خيّر بين ندب ومباح ، لكان قد جعل للمكلّف أن يفعله ، وألا يفعله ، من غير أن يرجّح فعله على تركه ، وذلك يدخله في كونه مباحا.
ولو خيّر بين واجب وندب ، لكان قد فسح في ترك الواجب ، لأنّه قد أباح تركه إلى غيره.
فأمّا التخيير بين تقديم الزّكاة وتأخيرها ، فإنّه ليس تأخيرا بين