واجب وندب ، وإنّما خيّر الإنسان بين أن يجعل نفسه عند حئول الحول على الصّفة الّتي تجب معها الزكاة ، بأن لا يقدّم الزّكاة ، وبين أن يخرج نفسه عن هذه الصّفة ، بأن يقدّمها.
وقيل (١) : إنّه إنّما خيّر بين التقديم والتأخير ، لأنّ كلّ واحد منهما يسدّ مسدّ صاحبه في المصلحة ، ولا يجوز أن يخيّر الإنسان بين أن يفعل الفعل ولا يفعله ، إلّا إذا كان مباحا.
وأمّا الدّليل على جواز التعبّد بالمخيّر ، فهو : أنّه لا يمتنع عقلا أن يصلح زيد عند كلّ واحد من فعلين ، كما لا يمتنع أن يصلح عند فعل واحد معيّن.
وكما جاز أن يكون الفعل صلاحا لشخص واحد ، جاز أن يكون الفعلان صلاحا في واجب واحد.
وعلى هذا التقدير ، لا يحسن ألا يكلّف شيئا منهما ، لما فيه من تفويت المصلحة ، ولا إيجابهما جمعا ، ولا أحدهما عينا ، وإلّا لزم الفصل بينهما في الوجوب ، مع اشتراكهما في وجهه (٢).
وأمّا طريق التعبّد به فأمران : عقليّ بأن يعلم عقلا تساوي شيئين أو أكثر في وجه الوجوب ، كردّ الوديعة بكلّ واحدة من اليدين.
وشرعيّ ، وهو قسمان : مشروط بطريق عقليّ ، نحو أن يأمرنا الله تعالى بأشياء في وقت يستحيل الجمع بينها (٣) ، فيعلم أنّها على التّخيير.
__________________
(١) القائل أبو الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٧٨.
(٢) في «ب» و «ج» : في جهته.
(٣) في «ج» و «ب» : بينهما.