لا يقال : يجب أن يعلم الامر الواجب.
لأنّا نقول : يعلمه كما أوجبه ، وإذا أوجب غير معيّن ، وجب أن يعلمه غير معيّن.
لا يقال : علم ما يفعل ، فكان الواجب (١).
قلنا : يكون واجبا ، لكونه واحدا منها لا لخصوصه ، للقطع بأنّ الخلق فيه سواء.
وأيضا لو كان الواجب واحدا بعينه ، لوجب عليه تعالى بيانه وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق.
وأيضا لو كان الواجب واحدا بعينه ، لكان الله قد تخيّر بين الواجب وما ليس بواجب.
لا يقال : يعلم الله تعالى أنّ المكلّف لا يختار إلّا الواجب.
لأنّا نقول : إن لم يكن لاختيار المكلّف تأثير في كونه مصلحة ، وواقعا على وجه الوجوب ، لزم أن يتّفق وقوع المكلّفين على كثرتهم وطول أزمنتهم ، على المصلحة دون المفسدة ، وذلك محال قطعا ، وأن يجوز اتّفاق تصديق أنبياء من جملة كذّابين ممّن لا يعلم الفرق بينهم. (٢)
__________________
(١) والمراد : علم الله ما يفعل العبد ، فكان المفعول الواجب في علم الله تعالى.
(٢) توضيحه : أنّه لو لم يكن لاختيار المكلف تأثير في كون الفعل ذا مصلحة وإنّما تتبع المصلحة ، لكون الفعل واجبا واقعا عند الله ، فحينئذ يلزم في اتّصاف فعل المكلّف بالوجوب ، اتّفاق ـ