ولا يمتنع أن يكون داعيا إلى طاعة واجبة بعد خروج الوقت فقط ، ولا يكون فعلها بعد خروج الوقت مصلحة فيما كانت مصلحة [فيه] قبل خروج الوقت ، لكن إذا فرّط المكلّف في فعلها ، لزمه قضاؤها ، لأنّ قضاءها يكون مصلحة في دون ما كان الأداء مصلحة فيه.
فحينئذ لا يجوز أن يضيّق الله تعالى فعلها في [أوّل] الوقت ، مع أنّ الغرض بإيجابها وهو المصلحة يحصل بفعلها في آخر الوقت.
ولا يجوز ألا يضيّق الله تعالى فعلها في آخره ، مع أنّ المصلحة لا تحصل إذا أخّرت عنه.
والأمر يخصّص ، فعلها بوقت معيّن من أجزاء ذلك الوقت ، مع تساوي الجميع في تحصيل المصلحة ، فيجب تساوي جميع أجزاء الوقت في النسبة إلى ذلك الفعل ، على معنى : أنّه في أيّ جزء وقع ذلك الفعل كان واجبا بنفسه.
الرابع : كلّ جزء من أجزاء الوقت لو وقع الفعل فيه لكان مجزئا بالإجماع ، وإنّما يكون كذلك لو كان تحصيلا لمصلحة الواجب ، وكان إيقاعه في كلّ وقت قائما مقامه في غيره من الأوقات ، فيكون واجبا ، لأنّه لو لم يكن محصّلا لمصلحة الواجب ، لزم :
إمّا فوات مصلحة الواجب ، بتقدير فعل الصلاة في غير وقت الوجوب ، فتكون الصّلاة حراما ، لأنّها قد فوّتت مصلحة الواجب ، وهو باطل إجماعا.
وإمّا بقاء مصلحة الوجوب ، ويلزم وجوب فعل الصّلاة ثانيا ، لبقاء مقصودها الموجب لها بعد فعل الصّلاة في الوقت المفروض ، وهو باطل بالإجماع.