الله تعالى ، فإنّ كلامه عند الأشاعرة واحد ، هو أمر ، ونهي ، ووعد ، ووعيد ، فلا يتطرّق إليه الغيريّة.
أمّا في حقّنا ، فهل طلب الحركة ، غير كراهة السّكون وطلب تركه ، أم لا؟
وإذا عرفت هذا فنقول : اختلف القائلون بالكلام النّفساني وهم الأشاعرة ، فمنهم من قال : الأمر بالشيء نهي عن ضدّه بعينه ، وإنّ طلب الفعل هو بعينه طلب ترك أضداده ، لأنّ الأمر هو عين النّهي ، واختاره القاضي (١) أخيرا.
ومنهم من منع ذلك مطلقا ، وهو اختيار الجويني (٢) والغزّالي (٣).
وقال بعضهم : إن جوّزنا تكليف ما لا يطاق ـ كما هو مذهب أبي الحسن الأشعري ـ فالأمر بالفعل لا يكون عين النّهي عن أضداده ، ولا ملزوما لها ، بل جاز أن يأمر بالفعل وبضدّه في الحالة الواحدة ، فضلا عن كونه غير منهيّ عنه ، وإلّا كان مستلزما.
ومنهم من قال : الأمر بالشيء نهي عن ضدّه في الواجب دون الندب.
أمّا المعتزلة فقالوا : الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضدّه ، ولا مستلزما له ، واختاره قاضي القضاة ، والسيد المرتضى (٤).
وقال أبو الحسين : الخلاف هنا إمّا في الاسم أو المعنى ، أمّا الاسم ، بأن
__________________
(١) هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب الباقلاني المتوفّى سنة ٤٠٣ ه ، في التقريب والإرشاد : ٢ / ١٩٨.
(٢) البرهان في أصول الفقه : ١ / ١٨٠.
(٣) المستصفى : ١ / ١٥٥.
(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٨٦.