ويلزم المجبرة جواز أمره وتكليفه بجميع أنواع التكاليف ، حيث جوّزوا تكليف ما لا يطاق.
الثالث : عدم الغافلة ، فلا يصحّ تكليف الغافل ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ فعل الشيء مشروط بالعلم به ، ولهذا استدللنا بالإحكام على العلم ، (١) والغافل غير عالم ، فلا يمكنه الفعل حينئذ.
لا يقال (٢) نمنع اشتراط العلم ، فإنّ الجاهل قد يفعل اتّفاقا ، وحكم الشيء حكم مثله ، فكما جاز صدور الفعل أوّلا ، جاز صدوره ثانيا ، وثالثا وهكذا.
وحينئذ جاز أن يعلم الله تعالى إيقاع الفعل من شخص اتّفاقا ، فلا يكون ، تكليفه حال عدم العلم تكليفا بالمحال.
ولأنّ الأمر ورد بالمعرفة ، (٣) ويستحيل توجيهه على العارف ، وإلّا لزم تحصيل الحاصل ، أو الجمع بين المثلين ، أو على غيره ، والمأمور قبل أن يعرف الامر ، استحال منه أن يعرف الأمر ، فقد كلّف من يستحيل منه العلم بالفعل.
ولأنّ العلم بوجوب المعرفة ليس ضروريّا ، فالعلم بوجوب الطّلب ، إن حصل قبل إتيانه (٤) بالنظر ، وهو حينئذ لا يمكنه أن يعلم ذلك الوجوب ،
__________________
(١) المراد : إحكام الصّنع وإتقان الخلقة ، فهو دليل على علم الخالق. كما هو دليل على وحدانيّته ، كما قال سبحانه : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) الأنبياء : ٢٢ ، وقال الصادق عليهالسلام : اتّصال التدبير وتمام الصّنع ، كما قال الله تعالى : لو كان فيهما ... توحيد الصدوق : ٢٥ طبع الغفاري.
(٢) يطرح في المقام إشكالات خمسة ، وطلبا للوضوح أوردنا كلّا في مقاطع خاصّة.
(٣) أي بمعرفة الله قال سبحانه (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) محمّد : ١٩.
(٤) في «أ» : «قبل إثباته» والصحيح ما في المتن.