اعلم أنّه لا خلاف في أنّه لا يجوز أن يفرد الله تعالى المكلّف الواحد بالأمر بالفعل ، وهو يعلم أنّه ممتنع منه (١) ، قاله قاضي القضاة قال : ولم يختلفوا في أنّه لا يجوز أن يأمر من يعلم أنّه يموت ، أو يعجز ، أو لا يكون المأمور به مصلحة ، بشرط أن يبقى ويقدر ، ويكون الفعل مصلحة.
والحقّ الأوّل.
لنا وجوه :
الأوّل : أنّ شرط الأمر ، بقاء المأمور ، فالعالم بانتفائه ، عالم بانتفاء شرط الأمر ، فاستحال حينئذ حصول الأمر ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق.
الثاني : لو صحّ ، لصحّ مع علم المأمور بانتفاء الشرط.
أجابوا بالفرق بانتفاء فائدة التكليف هنا ، بخلاف صورة النزاع ، فإنّ المأمور فيها يطيع ويعصي ، بالعزم ، والبشر ، والكراهة.
الثالث : إن أوجبنا الفعل مطلقا ، لزم تكليفه بالفعل مع وجود المانع.
وإن أوجبناه بشرط زوال المانع ، وقد علم الله تعالى وجوده ، لم يكن له داع إلى تكليفه فيه.
الرابع : لو أراد منه الفعل بشرط زوال المنع ، لزم الشكّ ، ولهذا فإنّ من علم طلوع الشمس ، لم يقل : إن كانت الشمس طالعة دخلت الدّار ، وإنّما يحسن ذلك مع الشك.
قال المجوّزون : يجوز أن يقال لمن يعلم موته : «صم غدا إن عشت» لما
__________________
(١) في «ب» : ممنوع عنه.