فيه من المصالح الكثيرة ، فإنّ المكلّف قد يوطّن نفسه على الامتثال ، ويحصل بذلك المتوطّنين لطف في الآخرة ، وفي الدّنيا الانزجار عن القبيح.
كما أنّ السيّد يستصلح بعض عبيده لأوامر ينجّزها عليه مع عزمه على نسخها امتحانا له ، وقد يقول الرّجل لغيره : وكّلتك في كذا لتفعله في غد ، مع علمه بأنّه سيعزله.
والأصل في ذلك : أنّ الأمر قد يحسن لمصالح تنشأ من نفس الأمر ، لا من نفس المأمور به ، وقد يحسن لمصالح تنشأ من المأمور به ، فجوّزه من جوّزه لذلك.
والمانعون قالوا : الأمر لا يحسن إلّا لمصلحة تنشأ من المأمور به.
والجواب : الطّلب هنا ليس للفعل ، لعلم الطالب بامتناعه منه ، بل للعزم على الفعل ، والانقياد إليه ، والامتثال ، وليس البحث فيه بل في الفعل.
واحتجّ المجوّزون بوجوه :
الأوّل : لو لم يصحّ التكليف بما علم الامر انتفاء شرط وقوعه ، لم يعص أحد أبدا ، والتّالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ العاصي تارك للفعل ، والتارك غير مريد للفعل ، والإرادة شرطه ، فلو لم يكن مكلّفا به حال عدم الإرادة ، لم يكن عاصيا.
الثاني : لو لم يصحّ ، لم يعلم تكليف البتّة ، لأنّه بعد الفعل ومعه قد انقطع التكليف ، وقبله لا يعلم حصول الشّرائط ، فلا يعلم أنّه مكلّف.
الثالث : لو لم يصحّ ، لم يعلم إبراهيم عليهالسلام وجوب الذّبح.