واعلم انّه قد يوصف الفعل بأنّه مباح وإن كان تركه محظورا ، كما نصف دم المرتدّ بأنّه مباح ، ومعناه : أنّه لا ضرر على من أراقه وإن كان الإمام ملوما بترك إراقته.
وأمّا المندوب فهو في اللغة مأخوذ من الندب وهو الدعاء إلى أمر مهمّ.
وفي العرف ما يكون فعله راجحا على تركه ، رجحانا غير مانع من النقيض.
وقيل : هو ما فعله خير من تركه (١) ونقض بالأكل قبل ورود الشرع ، فإنّه خير من تركه لما فيه من اللذّة واستبقاء المهجة ، وليس مندوبا.
وقيل : ما يمدح على فعله ولا يذمّ (٢) ويبطل بأفعاله تعالى ، فإنّها كذلك وليست مندوبة.
وقيل : هو المطلوب فعله شرعا من غير ذمّ على تركه مطلقا ، فالمطلوب فعله يخرج عنه ما عدا الواجب من الحرام والمكروه والمباح والأحكام الثابتة بخطاب الوضع ، ونفي الذمّ يخرج به الواجب المخيّر والموسّع في أوّل الوقت.
وذمّ الفقهاء من ترك النوافل جمع ، لأنّهم استدلّوا بذلك على استهانته بالطاعة.
ويسمّى «مرغّبا فيه» و «مستحبّا» أي انّ الله تعالى أحبّه ، و «نفلا» أي طاعة غير واجبة ، وأن للإنسان أن يفعله من غير حتم و «تطوّعا» أي انّ المكلّف انقاد
__________________
(١) القائل هو الباقلاني في التقريب والإرشاد : ١ / ٢٩١.
(٢) نقله الغزالي عن القدريّة ، لاحظ المستصفى : ١ / ١٣٠.