إذا عرفت ذلك فنقول لا شبهة في وجود الاختيار في أنفسنا ولكن هذا غير مربوط بما نحن بصدده لأن المقصود هو كشف ان الطلب هل يكون عن إرادة بعثية أو لا فنحن نقول يكشف الخطاب عن إرادة جدية هي الباعثة على التحريك نحو المطلوب وإلّا فلا دليل على البعث ولا يضر بما ذكر وجود كل صفة من الصفات في النّفس ومنها الاختيار وعلى فرض التعدد يكون القبل هو الإرادة والطلب متأخر عنها.
ثم انه ربما يقال كما عن شيخنا الحائري (قده) ان نفس القصد بدون المتعلق ربما يكون له فائدة ومنها قصد إقامة العشرة ولو لم يكن بناء المسافر على الإقامة فانه يترتب عليه تمامية الصلاة ولو لم يكن تحقق للمقصود في الخارج ومن المعلوم ان الإرادة هنا لها ـ الموضوعية (١) ولا يكون الاحتياج إلى إحراز الطلب وان كان كلامه (قده) غير تام في هذا الفرع كما سيجيء آنفا.
وقد أشكل على المحقق الخراسانيّ (قده) السيد محمد الفشاركي (قده) بان ـ الطلب والإرادة لا يكونان متحدين وفائدة القول بالتعدد هو ان الإرادة ربما تكون مع الطلب فلا كلام وربما لا تكون بل يكون الطلب فقط وتكون المصلحة في الإنشاء فقط كما ان التمني والترجي كذلك فانه ربما تكون المصلحة في نفس إبراز ذلك فالمصلحة في ذاتهما لا شيء آخر وهو المتعلق وعدوا منه كما عن شيخنا الحائري (قده) قصد العشرة ولو لم تكن الإرادة الواقعية على الإقامة فان نفس القصد يترتب عليه ثمرة وهي إتيان ـ الصلاة تماما وكذلك التمني والترجي لغرض من الأغراض.
وفيه ان ما كان طريقيا لا يتصور فيه ذلك فان إقامة العشرة ما لم تكن لم يكن لقصدها أثر وكيف يمكن ان يقصد الإقامة مع ان قصده على خلافها ولا ينقلب الشيء عما هو عليه فان الإقامة لا تنقلب عما هي عليه بصرف قصدها مع عدم النّظر إليها على انه يلزم الترجيح
__________________
(١) أقول ولا يخفى ان هذا الفرع غير مربوط بالمقام فان وجود المتعلق وعدم وجوده لأصل الإرادة غير مربوط بباب الأوامر وان الطلب والإرادة واحد فيه أم لا بل هذا بحث استطرادي في المقام.