وكل برهان يجب ان يرجع إلى الوجدان فان بقينا في الإشكال من جهة البرهان فحيث يخالف وجداننا ننكره ثم على ما يقول هذا القائل أي معنى للطلب غير الإرادة وأيضا فلأي سبب جعل التكليف فان مجاري الأمور على ذلك بيد الله تعالى على ان الأشعري منكر للحسن والقبح العقلي فلأي جهة يكون البعض مؤمنا والآخر كافرا.
ثم انه ربما يقال بان مفهوم الطلب ربما لا يكون كاشفا عن الواقع لأن لنا الأوامر الامتحانية وفيه ان الامتحاني يكون صورة امر لا واقعه ونحن في مقام الإثبات نكشف عن الطلب انه يكون مطابقا للإرادة الجدية ولا تكون المصلحة في الأمر فقط والثمرة استفادة ملاك الحكم مع كشف الإرادة وسيجيء بيانه.
لا يقال ان في كلام صاحب الحاشية على المعالم (قده) هو ان في النّفس شيء غير ـ الطلب وهو الإرادة والاختيار وتبعة شيخنا العراقي والنائيني (قدسسرهما) لكن الأول (قده) يقول بان في النّفس شيء قبل الطلب والثاني قده يقول بأنه بعد الطلب.
اما بيان وجود الإرادة والاختيار بعد الطلب فهو انه لا شبهة ولا ريب في ان في النّفس شيء بعد تصورها شيئا والتصديق بفائدته والجزم والعزم وهو الاختيار على ان تظهره أو تمنع من إظهاره وهذا هو الاختيار فهو غير الطلب وبعده على فرض تعدد الطلب والإرادة واما بيان كون الاختيار قبل الطلب فهو ان النّفس بعد تصورها الشيء والتصديق بفائدته لها ان تختاره وان لا تختاره ولا تريده ثم بعد ذلك يطلبه وتدل على ما ذكر الرواية ـ المعروفة في الكافي بقوله عليهالسلام لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين الأمرين. والأمر بين الأمرين هو الاختيار.
لأنا نقول ان الجواب عنه محتاج إلى مقدمة وهي ان الاعراض ربما يكون له وجود مستقل مفهوما لكنه غير مستغن عن الموضوع خارجا مثل البياض الّذي يمكن انفكاك ـ الجسم عنه وبعضه محتاج في الوجود ومعلول لشيء آخر لا ينفك عنه مثل الحرارة بالنسبة إلى النار فانها لازمها ثم الاختيار بالنسبة إلى النّفس يكون كذلك فانها في اختيارها مجبورة فانه غير اختياري لها وكل ما كان من مبادئ الاختيار يكون على نحو الشرطية لا العلية فمبادئ الاختيار اختياري ونفسه غير اختياري.