الأمر الرابع قيل بالفرق بين الأمر والنهي على مسلك المشهور بان يقال ان النهي عن شيء يدل على التكرار والأمر به لا يدل الأعلى الوحدة وتمسكوا لذلك بوجهين الوجه الأول ان النهي ناش عن مفسدة في العمل لا يمكن الفرار منها الا بواسطة ترك جميع افراد المنهي عنه والأمر ناش عن مصلحة تتحقق بفرد واحد ولا دليل على لزوم الزيادة على الواحد والجواب عنه.
انا نكون تابعا للشرع في عدم إيجاد المفسدة فربما يكفى ترك فرد واحد وتكون المفسدة فيه لا في غيره فمن أين ثبت ان جميع التروك يكون ملزما به مثل الأمر بالشيء فانه يمكن ان يكون جميع الافراد تحت المصلحة أو بعضها وربما يكون جميع الافراد مرادا مثل أحل الله البيع فانه لا خصيصة لبيع دون بيع وأوفوا بالعقود لعدم خصيصة لعقد دون عقد ويكون الجميع تحت الحكم ولو كان المراد بالوفاء هو في آن واحد فقط تصير المعاملة بلا أثر عند العقلاء والوجه الثاني هو ان صرف الوجود في الأمر يتحقق بفرد واحد ولكنه في النهي لا يتحقق إلّا بترك جميع الافراد والجواب عنه انه لا وقع للترك بل يلاحظ الوجود فكما انه يتحقق صرف الوجود بفرد منه كذلك صرف وجود النهي يتحقق بواسطة ترك فرد واحد.
فالتحقيق ان يقال ان الأمر والنهي كلاهما يدلان على صرف الوجود لو لا القرينة من الخارج على خلافه لأنه أقل مئونة من غيره فمن مثل قول القائل لا تأكل الثوم ليلة الخميس لرائحته يفهم ان الّذي يكون منهيا عنه هو إيجاد الرائحة الكريهة فيجب ترك جميع الافراد لئلا تحصل تلك الرائحة وهكذا من مثل أحل الله البيع في الأمر الوجوديّ يفهم صحة جميع البيوع لعدم خصيصة في أحدها دون الآخر ثم انه ربما يقال بان البحث في ذلك يتوقف على البحث عن ان الأمر والنهي هل يتوجه إلى الطبيعة حتى يكونان للسريان والشمول أو إلى الفرد حتى لا يكونان كذلك فعلى اختيار الأول لا وجه لهذا النزاع لأنهما لو تعلقا بالطبيعة يكون الدلالة على السريان مما لا كلام فيه وعلى الثاني أيضا لا كلام في شمول الفرد فقط.