لم يكن مقيدا بأنه في صورة الإصابة يجب التصديق والعمل وفي صورة عدم الإصابة لا يجب فالمصلحة التي تكون في الجعل تحرز بواسطة العمل على ما أدت إليه.
لأنا نقول ان جعل الأمارة وان كانت ناشئا عن مصلحة وهي ان غالب الأمارات ينتهى إلى الواقع وحيث ان باب العلم القطعي غير منفتح غالبا جعلت لئلا يفوت الواقع ولكن تلك المصلحة لا يتدارك بها مصلحة نفس العمل ولو كانت مصلحة الجعل كافية عن الواقع فلأي جهة نحتاج إلى العمل والامتثال بل إذا جعلت الأمارة حصلت تلك المصلحة فمضافا إلى مصلحة الجعل يكون مصلحة في نفس العمل ويجب الإتيان به لتحرز المصلحة به.
وبعبارة أخرى الاجزاء بمصلحة الجعل ينتهى إلى القول بان الأحكام مقيد بالعالمين فقط لأن الّذي ادى إليه الأمارة إذا لم يكن موافقا للواقع لا يكون متعلقا للتكليف أصلا لأن الموضوع للوجوب مثلا صلاة الجمعة فإذا ثبت ان الواجب هو الظهر وهي غير مجعولة لا تكون موضوعا للحكم بالوجوب فإذا قلنا كفى هذا العمل عن العمل بالواقع يصير معناه ان صلاة الظهر واجبة لمن علم بوجوبها واما من لم يعلم من أي سبب كان لا تجب عليه تلك الصلاة بعد عدم كون ما فعل واجبا عليه واقعا وهو محال عقلا لا إشكال الدور في تقييد الحكم بالعلم به (١).
لا يقال تقييد الأحكام بالعلم به يكون فيه الإشكال المذكور واما تقييد الموضوعات فلا إشكال فيه مثلا إذا قيل الطهارة من النجاسة شرط للصلاة ثم قيل بان من علم بان هذا الجسم الّذي تلوث به اللباس يكون فضلة الفأرة لا يكون واجدا للشرط واما من جهل بذلك فهو واجد لا يلزم منه محذور الدور لأن الحكم لم يقيد بالعلم به بل الموضوع يكون مقيدا بذلك فإذا قامت أمارة على الطهارة ثم انكشف خلافها
__________________
(١) أقول بل لعدم الدليل على الاجزاء واختصاص التكليف بصورة العلم وعدم كفاية مصلحة نفس العمل وإلّا فإشكال الدور مر ما فيه والحاصل لا دليل لنا على الاجزاء بمصلحة الجعل ولو كان لا يمنع عنه الدور.