لا يقال لا نتصور حقيقة الشرط فكيف يحكم بأنه من اجزاء العلة ولا يتصور تأخره عن المعلول إذ لو كان ما يترشح المعلول منه هو الشرط فمرجعه إلى المقتضى وان كان من قوام المعلول نفسه فمرجعه إلى القابل مثلا الإحراق يحتاج إلى النار فهي المقتضية له ويحتاج إلى الحطب فهو القابل فالشرط لا شأن له لأنه يقال الشرط اما يكون متمم فاعلية المقتضى أو متمم قابلية القابل مثلا المماسة في النار متمم الفاعلية واليبوسة في ـ الحطب متمم القابلية فلا يتصور تأخره عن الإحراق كما انه لا يتصور تقدمه عليه وانصرامه بمعنى عدم بقائه حين ضم المشروط إليه فمعنى الشرط واضح وتأخره عن ـ المشروط غير متصور.
ومن هنا يقع الإشكال في كثير من الموارد في الفقه التي يكون ظاهرها إناطة ـ الحكم أو الموضوع بالشرط المتأخر مثل إناطة صوم المستحاضة إلى الأغسال في الليالي المتأخرة ومثل ان المشهور بنائهم في الإجازة في البيع الفضولي على الكشف بمعنى ان الملكية مؤثرة من حين العقد بعد الإجازة المتأخرة مع ان في لسان الدليل ان شرط ـ الملكية الإجازة وهي متأخرة وكذلك الإشكال سار في الشرط المتقدم المنصرم مثل تأثير العقد (١) في ما يكون شرطه القبض والإقباض في المجلس كالصرف والسلم فكيف
__________________
(١) أقول هذا لا يكون من تأخر الشرط عن المشروط لأن الشرط الّذي يكون هو القبض والإقباض يكون مقارنا لحصول البيع الصحيح ولكن الّذي يكون متقدما ومنصرما يكون نفس المقتضى وهو العقد ولكن أمثال هذه الإشكالات فيما يكون متقدما ومنصرما يجيء في الإيجاب المنصرم الّذي يلحقه القبول.
والجواب الصحيح عن كل ما قيل في الشرط المتقدم والمتأخر هو ان كل ما في الشرع من العلل والشروط يكون كالدواعي ويكون اثره صحة العمل أو إتيان المأمور به على طبق الأمر وعلى طبق القانون الشرعي وإسقاط التكليف وكل ما يقال أنه شرط أو جزء يكون دخيلا فيه فيكون متقدما والفرق بين الشرط والجزء هو ان في الأول لا يكون القيد داخلا بل التقيد فقط داخل في المركب وفي الثاني كلاهما داخلان وهو من الاعتبارات نظرا إلى فهمه من الشرع.