ثم لا بأس بالإشارة إلى كيفية الوجوب في المقدمة التي هي التعلم للأحكام فقال المقدس الأردبيلي (قده) بان وجوبه تهيئي ولكن لا نفهمه فانه لا معنى للوجوب الا نفسيا أو مقدميا فإذا لم يكن لنا دليل على أحدهما لا يكون لنا دليل على ما ذكره (قده) إلا وجود رواية لذلك وهي مفقودة فلا إثبات للمصلحة التهيئية.
ثم ان شيخنا النائيني (قده) ادعى وجود رواية في وجوب حفظ المقدمة ولكن لم نجدها وقد اعترضوا عليه في ذلك في أواخر عمره الشريف فقال أن الإنسان حليف ـ النسيان ثم ان القاعدة وهي قولهم الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار لا تتم في المقام مثل من ألقى نفسه من شاهق فوقع على شخص آخر فمات فانه في وسط الطريق وان ندم ولكن لا ينفعه لأن اختياره للإلقاء صار سببا لعدم إمكان حفظه عن الإلقاء والأقوال فيها ثلاثة الأول انه في حال الاضطرار وهو حين كونه في الطريق ولا يمكنه حفظ نفسه يكون مأمورا بالترك ومعاقبا على الفعل والثاني عدم الخطاب مع عدم العقاب. والثالث وجود العقاب دون الخطاب فمن يكون له الماء ويهرقه فيدخل الوقت فلا يمكنه الوضوء يكون عدم إمكانه مستندا إلى اختياره التفويت بالإهراق.
والجواب عنها هو ان الشرط الّذي يكون وجوب مشروطه. في الوقت لا يكون واجبا لا عقلا ولا شرعا على المشهور في ذلك يعنى عدم فعلية الحكم قبل الشرط فان العقل لا يحكم بحفظ الماء ليمكن الوضوء وكذا لا يكون لنا الدليل من الشرع لحفظه حتى يقال انه خالفه فيكون معاقبا عليه فإذا دخل الوقت وهو غير واجد للماء ما فعل شيئا خلاف الشرع حتى يأخذه الشارع بامتناعه بالاختيار (١) بخلاف ما هو المختار من فعلية وجوب الواجب المشروط أيضا.
وقال شيخنا النائيني (قده) ان القاعدة منطبقة على المقدمات المفوتة إلّا إذا كانت القدرة على الشرط مقيدة بكونها بعد الوقت فحيث يكون البعدية من شرائط صحة
__________________
(١) مر إمكان ادعاء وجوب بعض المقدمات أثرا للوجوب الإنشائي عند العقلاء لذمهم على تركها بصرف الاطلاع على مراد المولى في زمان سيجيء قطعا.