بنحو التوصيف يعنى يكون إتيان المكلف للحركات الفعلية مع اتصافها بأنها مأمورة بها من ناحية الشرع لا بنحو كون الأمر غاية للامتثال مع انه يمكن قصدها إجمالا بعنوان المقدمة لأن عنوانها طار على تلك العناوين الخاصة أيضا فيشار به إليها على انه لا يندفع محذور الدور بهذا الوجه لأن قصد الأمر الغيري بنحو الغائية لا يتحقق إلّا بقصد عنوان المتعلق فكيف يمكن تحقق قصد العنوان المزبور من طريق قصد الأمر بنحو الغاية.
الوجه الثاني ان اعتبار قصد التقرب في الطهارات لأجل ان الغرض من غاياتها لا يتحقق إلّا بهذا الوجه لا لاقتضاء الأمر الغيري ذلك بنفسه لينافي توصليته والجواب عنه هو أن التقرب المعتبر في الطهارات ان كان هو التقرب بأمرها الغيري فيعود محذور الدور فإن الغرض من الواجب النفسيّ كيف يتوقف على حصول المقدمة المقصود بها الأمر مع تولد الأمر من نفس هذا التوقف لا في مرتبة سابقة عليه فتحصل ان إشكال الدور والإشكال في عبادية الأوامر الغيرية لا يرتفع بهذا المقال بل الحق ما قدمناه.
التذنيب الثاني في انه على فرض القول بان الطهارات الثلاث عبادة ذاتا لا نحتاج إلى قصد التوصل إلى غاياتها بل الأمر بها يتمثل بالإتيان بها نفسها لمحبوبيتها الذاتيّة واما على فرض القول بأن عباديتها متوقفة على قصد امرها الغيري فلا بد من قصد التوصل إلى الغير وفي الحقيقة يكون هذا النحو من القصد موجبا لوقوع المقدمة عبادة وهذا هو الوجه في اعتبار قصد التوصل على هذا المبنى لا ما توهم من أن عنوان المقدمية لا يتحصل إلّا بقصد هذا العنوان وهذا لا يحصل إلّا من جهة قصد التوصل إلى ذي المقدمة ضرورة ان ما يتوقف عليه الواجب هو ذات المقدمة لا عنوان المقدمية بل عنوانها يكون علة لوجوبها أي لأنها مقدمة تكون واجبة فما هو المقدمة ذات الوضوء من الغسلتين والمسحتين لا العنوان الانتزاعي.