فأقول ما هو الحق عندنا من ان الأحكام (١) هي الإرادات المبرزة ولا تكون مجعولة فينشأ من الإرادة على ذي المقدمة إرادة على مقدمته ويكون الحكم هو الإرادة وكشفناها ولا نحتاج إلى شيء.
واما القول بان الوجدان حاكم بان من يريد شيئا يريد مقدماته وهو أقوى برهان على وجوب كل ما لا يمكن الوصول إليه إلّا بالمقدمة الموصلة إليه فغير صحيح عندنا لأن الوجوب وان كان مسلما ولكن لا يكون شرعيا على فرض كونه هو المجعول.
لا يقال ان المصلحة الواحدة في المقام للواجب تقضى بان وجوب المقدمة أيضا يكون مثل وجوب ذيها شرعيا لأنا نقول لا ملزم للقول بان وجوبها شرعي بل يحصل الأثر في المصلحة بإتيانها ولو كان الوجوب عقليا ولا نكشف مصلحة زائدة على حصول ذيها لا يقال ان الملازمة تكون بين الإرادتين فنحو الوجوب واحد لأنا نقول (٢)
__________________
(١) الأحكام الإنشائية أيضا تكون من الإرادة المبرزة سواء حصل وقت الامتثال أو لم يحصل والأحكام الفعلية تكون هي الإرادات المبرزة الفعلية المتعلقة بالمكلف والواجب أيضا اما مطلق أو مشروط ولا يكون لنا قسم ثالث وهو المعلق ولكن في مثل الحج ومثل نذر زيارة أحد الأئمة عليهمالسلام يكون امتثال التكليف عند العقلاء بتقديم مقدمات لا يمكن تحصيلها عادة عند الوقت وهو الموسم في الحج مثلا ولكن لا يمكن لنا القول بان الوجوب قبل الوقت فعلى بل إنشاء الوجوب وإبراز الإرادة من لوازمه الإتيان بالمقدمات التي توجب تفويت المكلف به في ظرفه وقد مر البحث فيه فيما سبق والقائلين بفعلية وجوب الواجب المشروط يقولون بفعليته من هذا الوجه ويكون هذا اثره واما مثل المحقق الخراسانيّ قده المنكر للفعلية فله ان يقول هذا من آثار الوجوب الإنشائي عند العقلاء ولو قيل ان المراد بالفعلية هو الفعلية بالنسبة إلى هذا الأمر يصير النزاع في اللفظ.
(٢) أقول من قال بمجعولية الأحكام أيضا لا محيص إلّا ان يقول بكاشفية الجعل عن إرادة فالملازمة بين المقدمة وذيها تحكم بتلازم الجعلين إلّا انه لا ملزم للقول بوجوب المقدمة شرعيا عليه والتلازم يكون بين الوجودين لا الوجوبين وقد مر الكلام فيه مفصلا.