بأنه إذا لم يصل التكليف إليكم بواسطة دسّ الدساسين بعد جعله لا يكون عليكم التكليف واما التكليف الّذي لا يكون مجعولا من رأسه فلا يكون الامتنان في رفعه لأنه غير مجعول من الأول فالحكم يكون مرفوعا في مرتبة الظاهر والواقع بالنسبة إلى ما لا بيان من الشرع أي البيان الواصل فليس للأخباري أن يقول انه مرفوع في مرتبة الظاهر دون الواقع حتى يجب الاحتياط لحفظ الواقع فالمعارضة بين الآية واخبار الاحتياط محققة وسيجيء عدم تمامية الاخبار في الاحتياط لأنها معارضة بمثلها.
ومن الآيات الدالة على البراءة قوله تعالى وما كنا معذّبين حتى نبعث رسولا.
وتقريب الاستدلال هو ان مقتضى الألوهية بمقتضى الفطرة أيضا هو عدم العذاب بدون بعث الرسل وإنزال الكتب فإذا لم يكن البيان واصلا إلينا لا يكون علينا التكليف حتى يلزم من مخالفته العقاب والعذاب في الآخرة كما أن مقتضى العبودية بعد بيان التكليف هو الإطاعة فالعقاب بدون البيان خلاف الألوهية والعصيان بعد البيان خلاف العبودية.
وقد أشكل أولا على الآية أيضا بإشكالات واهية الأول ان الآية كما هو الظاهر من قوله تعالى ما كنا إلخ تكون في مقام بيان قضية ماضية في الأمم السالفة أي انا ما عذّبنا الأمم السالفة وما أهلكناهم في الدنيا الا بعد إرسال الرسل فعصوا فكان عاقبة أمرهم الهلاك أي العذاب الدنيوي ولا تكون في صدد بيان عدم العذاب في الآخرة بالنسبة إلى الأمة المرحومة حتى يستدل بها للبراءة.
وفيه ان المشتق لا يكون الزمان فيه مأخوذا حتى يقال انه يكون زمانه هو الماضي بل يكون لمطلق الحدث وهو ان العذاب لا يكون من شأن الله بدون البيان ولو سلم فيستفاد منها أن العذاب في الدنيا كان مع البيان فنحن بالأولوية القطعية نستفيد منها أن عذاب الآخرة بدون البيان وإرسال الرسل لا يكون من شأن الله تعالى فلا وجه لهذا الإشكال.
وثانيا بأن الآية تكون في مقام بيان نفى فعلية العذاب لا في مقام بيان نفى الاستحقاق وقد استحسنه بعضهم فلا تكون نافية للاحتياط كما انه في بعض الموارد يعفو عن