للفرض والاحتياط له ، ولأنّ الحدث قد حصل يقينا فلا يجوز إسقاطه بالشك ، وإذا كان دخول الغاية والحدّ وخروجهما مشكوكا فيه ، وجب إدخال المرافق له مع الشكّ وحصول اليقين (١).
[الخامس :] غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع غير مستقبل للشعر ، واستقباله لا ينقض الوضوء.
وأعلم أن الابتداء بالمرفقين في غسل اليدين هو المسنون ، وخلاف ذلك مكروه ، ولا نقول : إنّه ينقض الوضوء ، حتى لو أنّ فاعلا فعله لكان لا يجزي به. ولا يقدر أحد أن يحكم من أصحابنا المحصّلين تصريحا بأنّ من خالف ذلك فلا وضوء له ، وجميع ما ورد في الأخبار من تغليظ ذلك والتشديد فيه وربّما قيل : «لا يجوز» ، محمول على شدّة الكراهة دون الوجوب واللزوم.
وقد يقال في مخالفة المسنون المغلظ في هذه الألفاظ ما يزيد على ذلك ، ولا يدلّ على الوجوب.
والذي يدلّ على صحّة مذهبنا في هذه المسألة أنّ جميع الفقهاء يخالفونا في أنّه مسنون ، وأنّ خلافه مكروه ، وإجماع الإمامية الذي بيّنا أنّه حجّة لدخول قول المعصوم فيه.
فإن قيل : قد خالفتم ظاهر القرآن ؛ لأنّه قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (٢) غاية ، وأنتم قد جعلتم المرافق ابتداء.
قلنا : أمّا لفظة «إلى» فقد تكون في اللغة العربية بمعنى الغاية وبمعنى «مع» ، قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) (٣) أراد مع أموالكم ، وقال تعالى حكاية عن عيسى عليهالسلام : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) أراد مع الله ، ويقولون : ولي فلان الكوفة إلى البصرة ، ولا يريدون غاية بل يريدون ولي هذا البلد مع هذا البلد.
__________________
(١) الناصريات : ١١٦.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٦.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٢.