وليست في الآية محدودة وإلّا جاز عطف الأرجل وهي محدودة على الرؤوس التي ليست بمحدودة ، وهذا الذي ذهبنا إليه أشبه بالترتيب في الكلام ؛ لأنّ الآية تضمّنت ذكر عضو مغسول غير محدود وهو الوجه وعطف عليه مغسولا محدودا وهما اليدان ثم استأنف ذكر عضو ممسوح غير محدود وهو الرأس ، فيجب أن تكون الأرجل ممسوحة وهي محدود معطوفة عليه دون غيره ليتقابل الجملتان في عطف مغسول محدود على مغسول غير محدود ، وفي عطف ممسوح محدود على ممسوح غير محدود ، فإن عارضوا بما يروونه من الأخبار التي يقتضي ظاهرها غسل الرجلين كروايتهم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه توضأ مرّة مرّة وغسل رجليه وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلّا به (١) ، وفي خبر آخر : أحسنوا الوضوء وأسبغوا الوضوء (٢) ، وفي خبر آخر : أنّه أمر بالتخليل بين الأصابع (٣) ، وفي خبر آخر : ويل للأعقاب من النار (٤) ، فالكلام على ذلك أن جميع ما رووه أخبار آحاد لا توجب علما وأحسن أحوالها أن توجب الظنّ ، ولا يجوز أن يرجع عن ظواهر الكتاب المعلومة بما يقتضي الظنّ ، وبعد فهذه الأخبار معارضة بأخبار مثلها تجري مجراها في ورودها من طريق المخالفين لنا وتوجد في كتبهم وفيما ينقلونه عن شيوخهم ، ونترك ذكر ما ترويه الشيعة (٥) وتنفرد به في هذا الباب ؛ فانّه أكثر عددا من الرمل والحصى ، ومتى عارضناهم بأخبارنا قالوا : ما نعرفها ولا رواها شيوخنا ، فليت شعري! كيف كيف يلزمونا أن نترك بأخبارهم ظواهر الكتاب ونحن لا نعرفها ولا رواها شيوخنا ولا وجدت في كتبنا ، ولا يجيزون لنا أن نعارض أخبارهم التي لا نعرفها بأخبارنا التي لا يعرفونها؟ فهل هذا إلّا محض التحكم؟
فمن أخبارهم ما يروونه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه بال على سباطة قوم قائما ومسح على قدميه ونعليه (٦).
__________________
(١) سنن ابن ماجة ، ١ : ١٤٥ ح ٤١٩.
(٢) صحيح مسلم ، ١ : ٢١٤ ح ٢٦.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ١٥٣ ح ٤٤٧ و ٤٤٨.
(٤) صحيح مسلم ، ١ : ٢١٤ ح ٢٦.
(٥) الوسائل ، ١ : ٢٩٤ ، باب ٢٥ من أبواب الوضوء.
(٦) التبيان ، ٣ : ٤٥٢.