[الثالث : قال الناصر رحمهالله :] «استعمال التراب في أعضاء التيمّم شرط في صحّة التيمّم».
وعندنا أنّ ذلك ليس بشرط ، وهو مذهب أبي حنيفة (١).
والشافعي يذهب إلى اعتبار تعلّق التراب باليد ويقول : لا بدّ من ممسوح به (٢).
والدليل على صحّة ما اخترناه أنّه تعالى أمر بالتيمّم بالصعيد الطيّب ولم يشترط فيه بقاء التراب على اليد ، فيجب ألّا يكون شرطا.
وأيضا ما روي عنه عليهالسلام «من أنّه نفض يديه قبل أن يمسح بهما وجهه ويديه» (٣).
وهذا يدلّ على أن بقاءه على اليد ليس بشرط.
وأيضا ليس يجوّز تعلّق التراب باليد من ذهب إلى الضربة الواحدة ، لأنّه معلوم أنّه إذا مسح وجهه لم يبق فيهما من التراب بعد ذلك ما يمسح به يديه.
وتعلّق الشافعي في أنه لا بدّ من ممسوح به ، بقوله تعالى : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) (٤) ، لأنّ «من» هنا مبني لابتداء الغاية وليست للتبعيض ، وعند جميع النحويين من البصريين أن «من» لا يكون إلّا لابتداء الغاية (٥).
[الرابع :] وممّا إنفردت الإمامية به القول : بأنّ مسح الوجه بالتراب في التيمّم إنّما هو إلى طرف الأنف من غير استيعاب له ، فإنّ باقي الفقهاء يوجبون الاستيعاب له (٦).
والإمامية وإن إقتصرت في التيمم على ظاهر الكفّ فلم تنفرد بذلك ؛ لأنّه قد روي عن الأوزاعي (٧) مثله ، والذي يدلّ على ما ذكرناه ـ مضافا إلى الإجماع ـ
__________________
(١) بداية المجتهد ، ١ : ٧٢.
(٢) الام ، ١ : ٦٧.
(٣) صحيح البخاري ، ١ : ٢١٤ ، ٣٣٤.
(٤) المجموع ، ٢ : ٢١٤ ، ٢٣٨.
(٥) الناصريات : ١٥٥.
(٦) المحلّى ، ٢ : ١٤٧.
(٧) المغني (لابن قدامة) ، ١ : ٢٤٥.