أصلا ، وإنّما وردت به أخبار آحاد وأكثر الأخبار واردة بخلافه ، وأن أمير المؤمنين عليهالسلام لما خلفه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة في غزوة تبوك كره أن يتخلّف عنه ، وأن ينقطع عن العادة التي كان يجري عليها في مواساته له بنفسه ، وذبّه الأعداء عن وجهه ، فلحق به وشكى إليه ما يجده من ألم الوحشة ، فقال له هذا القول ، وليس لنا أن نخصّص خبرا معلوما بأمر غير معلوم ، على أن كثيرا من الروايات قد أتت بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : «أنت منّي بمنزله هارون من موسى» في أماكن مختلفة ، وأحوال شتّى ، فليس لنا أيضا أن نخصه بغزوة تبوك دون غيرها ، بل الواجب القطع على الخبر الحق ، والرجوع إلى ما يقتضيه والشك فيما لم يثبت صحّته من الأسباب والأحوال.
ومنها : ان الذي يقتضيه السبب مطابقة القول له ، وليس يقتضي مع مطابقته ألّا يتعدّاه ، وإذا كان السبب ما يدّعونه من إرجاف المنافقين أو استثقاله عليهالسلام أو كان الاستخلاف في حال الغيبة والسفر فالقول على مذهبنا وتأويلنا يطابقه ويتناوله ، وإن تعداه إلى غيره من الاستخلاف بعد الوفاة الذي لا ينافي ما يقتضيه السبب ، يبين ذلك أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لو صرّح بما ذهبنا إليه حتى يقول : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» في المحبّة والفضل والاختصاص والخلافة في الحياة وبعد الوفاة لكان السبب الذي يدّعي غير مانع من صحّة الكلام واستقامته.
ومنها : ان القول لو اقتضى منزلة واحدة امّا الخلافة في السفر أو ما ينافي من إرجاف المنافقين من المحبّة والميل لقبح الاستثناء ؛ لأنّ ظاهره لا يقتضي تناول الكلام لأكثر من منزلة واحدة ، ألا ترى أنه لا يحسن أن يقول أحدنا لغيره منزلتك منّي في الشركة في المتاع المخصوص دون غيرها منزلة فلان من فلان إلّا انك لست بجاري ، وإن كان الجوار ثابتا بين من ذكره من حيث لم يصح تناول قوله الأول ما يصحّ دخول منزلة الجوار فيه ، وكذلك لا يصحّ أن يقول : ان ضربت غلامي زيدا إلّا غلامي عمرا ، وإن صحّ أن يقول : «ضربت غلماني إلّا غلامي عمرا» من حيث تناول اللفظ الواحد دون الجمع ، وبهذا الوجه يسقط قول من ادّعى أن الخبر يقتضي منزلة واحدة ؛ لأنّ ظاهر اللفظ يتناول أكثر من