وإن لم يكن في الحال ثابتا ، ومما يكشف عن بطلان قولك : إنّ المقدر وإن كان ممّا يعلم حصوله لا يوصف بأنه منزلة أنّ أحدنا لو قال : فلان منّي بمنزلة زيد من عمرو في جميع أحواله وعلمنا أن ذلك قد بلغ من الاختصاص بعمرو ، والتقرّب منه ، والزلفى عنده إلى حدّ لا يسأله معه شيئا من أمواله إلّا أجابه إليه وبذله ، ثمّ إن المشبّه حاله بحاله [ان] سأل صاحبه درهما من ماله أو ثوبا لوجب عليه ـ إذا كان قد حكم بأن منزلته منه منزلة من ذكرناه ـ أن يبذله له وإن لم يكن وقع ممن شبهت حاله به مثل تلك المسألة بعينها ، ولم يكن للقائل الذي حكينا قوله أن يمنعه من الدّرهم والثوب بأن يقول : إنني جعلت لك منازل فلان من فلان ، وليس في منازله إن سأله درهما أو ثوبا فأعطاه في كل واحدة منهما بل يوجب عليه جميع من سمع كلامه العطية من حيث كان المعلوم من حال من جعل له مثل منزلته أنه لو سأله في ذلك كما سأل هذا ، أجيب إليه ، وليس يلزم على هذا أن تكون الصلاة السادسة وما أشبهها من العبادات التي لو أوجبها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم علينا لوجب ممّا يجري عليها الوصف الآن بأنها من شرعه ؛ لأنّها لم يحصل لها سبب وجوب استحقاق بل سبب وجوبها مقدر بما أنّها مقدّرة ، وليس كذلك ما أوجبناه ؛ لأنا لا نصف بالمنزلة إلّا ما حصل استحقاقه وسبب وجوبه ولو قال عليهالسلام : صلوا بعد سنة صلاة مخصوصة خارجة عما نعرف من الصلوات لجاز أن يقال : بل وجب أن تكون تلك الصلاة من شرعه قبل حضور الوقت من حيث ثبت سبب وجوبها ، ومثل ما ذكرناه يسقط قول من يقول : فيجب على كلامك أن يكون كل أحد نبيّا إماما وعلى سائر الأحوال التي يجوز على طريق التقدير أن يحصل عليها مثل أن يكون وصيّا لغيره ، وشريكا له ونسيبا إلى غير ذلك ؛ لأنّه على طريق التقدير يصحّ أن يكون على جميع هذه الأحوال لوجود أسبابها وشروطها ، وإنما لم يلزم جميع ما عددناه لما قدّمنا ذكره من اعتبار ثبوت سبب المنزلة واستحقاقها وجميع ما ذكر لم يثبت له سبب استحقاق ولا وجوب ، ولا يصحّ أن يقال إنّه منزلة.
ثم يقال له : ما نحتاج إلى مضايفتك في وصف المقدّر بأنّه منزلة وكلامنا