يتمّ وينتظم من دونه ؛ لأن ما عليه هارون من استحقاق منزلة الخلافة بعد وفاة موسى إذا كان ثابتا في أحوال حياته صح أن يوصف بأنه منزلة وإن لم يصح وصف الخلافة بعد الوفاة بأنها منزلة في حال الحياة ؛ لأن التصرف في الأمر المتعلّق بحال مخصوصة عند استحقاقه وأحد الأمرين منفصل من الآخر وإذا ثبت أن استحقاقه للخلافة بعد الوفاة يجري عليه الوصف بالمنزلة ، ووجب حصوله لأمير المؤمنين كما حصل لهارون لثبتت له الإمامة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لتمام شرطها فيه ، ألا ترى أن من أوصى إلى غيره وجعل إليه التصرّف في أمواله بعد وفاته يجب له ذلك بشرط الوفاة وكذلك من استخلف غيره بشرط غيبته عن بلده ليكون نائبا عنه بعد الغيبة يجب له هذه المنزلة عند حصول شرطها ، فحال استحقاق التصرّف والقيام بالأمر المنصوص إليه غير حال استحقاقه ، ولو أن غير الموصي والمستخلف قال : فلان منّي بمنزلة فلان من فلان وأشار إلى الموصي والموصى إليه لوجب أن يثبت له من الاستحقاق في الحال والتصرّف بعدها ما أوجبناه للأوّل ، ولم يكن لأحد التطرق إلى منع هذا المتصرّف من التصرّف إذا بقي إلى حال وفاة صاحبه من حيث لا يوصف التصرف المستقبل بأنّه منزلة قبل حصول وقته ولا من حيث كان من شبهت حاله به لم يبق بعد الوفاة لو قدرنا أنه لم يبق.
فإن قال صاحب الكتاب : إنّما صحّ ما ذكرتموه ؛ لأنّ التصرّف في مال الموصي والخلافة لمن استخلف في حال الغيبة وإن لم يكونا حاصلين في حال الخطاب ولم يوصفا بأنّهما منزلتان فيما يقتضيهما من الوصيّة والاستخلاف الموجبتين لاستحقاقهما يثبت في الحال ، ويوصف بأنه منزلة.
قلنا : وهكذا نقول لك فيما أوجبناه من منازل هارون من موسى لأمير المؤمنين عليهالسلام حرفا بحرف وليس له أن يخالف في أنّ استحقاق هارون بخلافة موسى بعد الوفاة كان حاصلا في الحال ؛ لأنّ كلامه في هذا الفصل مبنيّ على تسليمه وإن كان قد خالف في ذلك في فصل استأنفه يأتي مع الكلام عليه فيما بعد ، وقد صرّح في مواضع من كلامه الذي حكيناه بتسليم هذا الموضع ؛ لأنّه