فإن كنتم توجبون لعليّ عليهالسلام مثل ذلك فيجب أن يكون بعد موته عليهالسلام إماما له أن يقوم (١) بذلك كما كان ، وقد علمنا أنه لم يكن إماما في حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا كان له أن يقوم بهذه الأمور على الوجه الذي يقوم به الإمام ، فيجب أن يكون حاله بعد موته كما كان ؛ لأن هذه المنزلة هي التي كانت لهارون من موسى عليهالسلام ، يبيّن ذلك أنه في حياته كان له أن يقوم بهذه الأمور والحال حال شركة ، فبأن يكون له أن يقوم بذلك بعد وفاته أولى ، فلما ثبت ذلك له على الحدّ الذي كان لا على وجه مخالف له فيجب مثله لعليّ عليهالسلام ، وهذا بأن يقتضي نفي الإمامة أولى من أن يقتضي إثباتها ، ...» (٢).
يقال له : لم زعمت أنّ هارون لو بقي بعد موسى لكان إنّما يجب أن يقوم بما يقوم به الأئمّة لموضع نبوّته ، أو ليس قد بيّنا فيما سلف من كلامنا أن هذه المنزلة منفصلة من النبوّة ، وأنه لا يمتنع أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من حيث كان نبيّا لا يتولّاها ولا يجب له القيام بها ، واعترفت في بعض ما حكيناه من كلامك بذلك ، فقلت : «إنه غير واجب فيمن يكون شريكا لموسى في النبوّة أن يكون هو القيم بعد وفاته بما يقوم به الإمام» غير أن الذي ذكرته وإن كان ليس بصحيح ، يمكن أن يرتب الكلام عليه على وجه يلزم معه الانفصال ، فيقال : إذا كنتم قد صرّحتم فيما مضى من كلامكم بأن استخلاف موسى لأخيه هارون لو لم يثبت لكان استدلالكم على النصّ مع فقده متوجّها باعتبار ما يجب لهارون من فرض الطاعة على أمّة موسى في حياته ، ووجوب استمرار ذلك لو بقي إلى بعد وفاته ، وإن كان من مقتضى النبوّة ، وقلتم : إنه غير واجب فيمن جعل له مثل منزلة هارون من موسى في باب فرض الطاعة أن يكون مشاركا له في سبب هذه المنزلة ، فقد ثبت من هذا الوجه أن هارون كان يجب له فرض الطاعة بعد موسى ؛ لمكان نبوّته على سبيل الاستمرار لا التجدّد ، ويلزمكم الجواب.
ويمكن أن يتوجّه من وجه آخر : وهو أنّ هارون إذا كان خليفة لموسى حال
__________________
(١) «إماما له أن يقوم» ساقطة من المغني.
(٢) المغني ، ٢٠ : ١٦٧.